responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 489
نَفْلٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، فَقَالَ: الْغَنِيمَةُ كُلُّ مَا حَصَلَ مُسْتَغْنَمًا بِتَعَبٍ كَانَ أَوْ بِغَيْرِ تَعَبٍ، وَبِاسْتِحْقَاقٍ أَوْ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَقَبْلَ الظَّفَرِ كَانَ أَوْ بَعْدَهُ، وَالنَّفْلُ مَا يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَحْصُلُ لِلْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَهُوَ الْفَيْءُ، وَقِيلَ: مَا يَحْصُلُ مِنَ الْمَتَاعِ قَبْلَ أَنْ تُقَسَّمَ الْغَنَائِمُ، وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا قَوْلَهُ: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ الْآيَةَ.
وَالْمَعْنَى: يَسْأَلُونَكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ عَنِ الْأَنْفَالِ لِمَنْ هِيَ؟ أَلِلشُّبَّانِ أَمْ لِلْمَشْيَخَةِ؟ أَمْ لِلْمُهَاجِرِينَ أَمْ لِلْأَنْصَارِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ أَيْ: قُلْ لَهُمْ: الْأَنْفَالُ لِلَّهِ يَحْكُمُ فِيهَا بِحُكْمِهِ، وَلِلرَّسُولِ يُقَسِّمُهَا بِحَسَبِ حُكْمِ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ قَسَّمَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّوَاءِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي التَّفْصِيلَ الَّذِي سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ (41) إِلَخْ، فَيَكُونُ التَّفْصِيلُ نَاسِخًا لِلْإِجْمَالِ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ، فَالصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ: إِنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ، وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ مَصَارِفَهَا فِي آيَةِ الْخُمُسِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْجَيْشِ مَا شَاءَ قَبْلَ التَّخْمِيسِ فَاتَّقُوا اللهَ فِي الْمُشَاجَرَةِ وَالْخِلَافِ وَالتَّنَازُعِ، وَسَيَأْتِي فِي الصُّورَةِ مَضَارُّ ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا فِي حَالِ الْحَرْبِ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ أَيْ: أَصْلِحُوا نَفْسَ مَا بَيْنِكُمْ، وَهِيَ الْحَالُ وَالصِّلَةُ الَّتِي بَيْنَكُمْ تَرْبِطُ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَهِيَ رَابِطَةُ الْإِسْلَامِ، وَإِصْلَاحُهَا يَكُونُ بِالْوِفَاقِ وَالتَّعَاوُنِ وَالْمُوَاسَاةِ وَتَرْكِ الْأَثَرَةِ وَالتَّفَرُّقِ، وَالْإِيثَارِ أَيْضًا، وَالْبَيْنُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى الِاتِّصَالِ وَالِافْتِرَاقِ، وَكُلِّ مَا بَيْنَ طَرَفَيْنِ كَمَا قَالَ: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ (6: 94) وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذِهِ الرَّابِطَةِ بِذَاتِ الْبَيْنِ، وَأُمِرْنَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَهُوَ وَاجِبٌ شَرْعًا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ قُوَّةُ الْأُمَّةِ وَعِزَّتُهَا وَمَنَعَتُهَا وَتُحْفَظُ بِهِ وَحْدَتُهَا وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ فِي الْغَنَائِمِ وَفِي كُلِّ أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَقَضَاءٍ وَحُكْمٍ، فَاللهُ تَعَالَى يُطَاعُ لِذَاتِهِ; لِأَنَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَمَالِكُ أَمْرِهِمْ، وَالرَّسُولُ يُطَاعُ فِي أَمْرِ الدِّينِ; لِأَنَّهُ مُبَلِّغٌ لَهُ عَنِ اللهِ تَعَالَى، وَمُبَيِّنٌ لِوَحْيِهِ فِيهِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالْحُكْمِ، وَهَذِهِ الطَّاعَةُ لَهُ تَعَبُّدِيَّةٌ لَا رَأْيَ لِأَحَدٍ فِيهَا، وَتَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا
النَّجَاةُ فِي الْآخِرَةِ وَالْفَوْزُ بِثَوَابِهَا، وَيُطَاعُ فِي اجْتِهَادِهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَلَا سِيَّمَا الْحَرْبَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ الْإِمَامُ الْقَائِدُ الْعَامُّ، فَمُخَالَفَتُهُ إِخْلَالٌ بِالنِّظَامِ الْعَامِّ، وَإِفْضَاءٌ إِلَى الْفَوْضَى الَّتِي لَا تَقُومُ مَعَهَا لِلْأُمَّةِ قَائِمَةٌ، فَهَذِهِ الطَّاعَةُ وَاجِبَةٌ شَرْعًا كَالْأُولَى إِلَّا أَنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى، فَقَدْ أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَنْفِيذِ أَحْكَامِهِ، وَإِدَارَتِهِ بِمُشَاوَرَةِ الْأُمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَأَشْرَكَ مَعَهُ فِي هَذِهِ الطَّاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَسَيَأْتِي كَيْفَ رَاجَعَهُ بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ الْمُفَصَّلَةِ أَحْكَامُهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَرَجَعَ عَنْ رَأْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرَّأْيِ الَّذِي ظَهَرَ صَوَابُهُ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ الْأَخِيرَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ كَمَا شَاوَرَهُمْ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْمَدِينَةِ أَوِ الْبَقَاءِ فِيهَا، فَلَمَّا انْتَهَتِ الْمُشَاوَرَةُ، وَعَزَمَ عَلَى تَنْفِيذِ رَأْيِ الْجُمْهُورِ رَاجَعُوهُ فَلَمْ يَقْبَلْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 489
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست