responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 450
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ الْآيَاتِ أَفْضَلَ مَا يُعَامِلُ الْبَشَرُ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ الْوَصَايَا الثَّلَاثِ، الَّتِي لَا يُمْكِنُ شَرْحُ التَّعَامُلِ بِهَا تَفْصِيلًا إِلَّا بِسِفْرٍ كَبِيرٍ، وَلَوْ عَمِلَ النَّاسُ بِهَذِهِ الْوَصَايَا لَصَلَحَتْ أَحْوَالُهُمْ، وَلَمْ يَجِدِ الْفَسَادُ إِلَيْهِمْ سَبِيلًا، ثُمَّ قَفَّى عَلَيْهَا بِهَذِهِ الثَّلَاثِ الْآيَاتِ فِي الْوَصِيَّةِ بِاتِّقَاءِ إِفْسَادِ الشَّيْطَانِ، أَيْ جِنْسِهِ لِجِنْسِ الْبَشَرِ، وَالْمُرَادُ هُنَا شَيَاطِينُ الْجِنِّ الْمُسْتَتِرَةُ، فَالتَّنَاسُبُ الْقَرِيبُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُنَّ الْمُقَابَلَةُ بَيْنَ مُعَامَلَةِ الْبَشَرٍ وَمُعَامَلَةِ الْجِنِّ، وَمِنْ فُرُوعِهِ التَّنَاسُبُ بَيْنَ الْجَاهِلِينَ، أَيِ السُّفَهَاءِ الَّذِينَ أَمَرَتِ الْآيَةُ السَّابِقَةُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمُ اتِّقَاءً لِشَرِّهِمْ، وَبَيْنَ الشَّيَاطِينِ الَّتِي أَمَرَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ بِالِاسْتِعَاذَةِ بِاللهِ مِنْهُمُ اتِّقَاءً لِشَرِّهِمْ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، اتِّقَاءُ شَرِّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَشَيَاطِينِ الْجِنِّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ هُوَ الشِّرِّيرُ الْمُفْسِدُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَمَنْ فَسَّرَ آيَاتِ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ (7: 189) إِلَخْ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شِرْكَ الْأَبَوَيْنِ فِيمَا أَتَاهُمَا اللهُ مِنَ الْوَلَدِ الصَّالِحِ كَانَ بِإِغْوَاءِ الشَّيْطَانِ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ فِي التَّنَاسُبِ بَيْنَ الْآيَاتِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْآيَةَ بَيَّنَتْ لَنَا أَنَّ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ لِأَبَوَيْنَا كَانَتْ سَبَبَ مَا وَقَعَ لَهُمَا مِنَ الشِّرْكِ فِيمَا آتَاهُمَا مِنَ الْوَلَدِ - وَالْأَوْلَى إِرْجَاعُ التَّنَاسُبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى مَا بُيِّنَ فِي أَوَائِلِ السُّورَةِ مِنْ خَلْقِ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ لَهُمَا - وَمَا بُيِّنَ فِي خَوَاتِيمِهَا مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى إِتَّقَاءِ نَزْغِ الشَّيْطَانِ وَمَسِّهِ، وَهُوَ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي بَدْءِ سِيَاقِ هَذِهِ الْخَاتِمَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ قَالَ الرَّاغِبُ: النَّزْغُ دُخُولٌ فِي أَمْرٍ لِإِفْسَادِهِ. وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِقَوْلِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي (12: 100) وَفِي الْأَسَاسِ: نَزَغَهُ مِثْلُ نَسَفَهُ إِذَا طَعَنَهُ وَنَخَسَهُ. وَمِنَ " الْمَجَازِ " نَزَغَهُ الشَّيْطَانُ: كَأَنَّهُ يَنْخُسُهُ لِيَحُثَّهُ عَلَى الْمَعَاصِي. وَنَزَغَ بَيْنَ النَّاسِ: أَفْسَدَ بَيْنَهُمْ بِالْحَثِّ عَلَى الشَّرِّ اهـ. فَالنَّزْغُ كَالنَّسْغِ وَالنَّخْسِ وَالنَّخْزِ وَالنَّغْزِ وَالنَّكْزِ وَالْوَكْزِ وَالْهَمْزِ أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى، وَأَصْلُهُ إِصَابَةُ الْجَسَدِ بِرَأْسِ شَيْءٍ مُحَدَّدٍ كَالْإِبْرَةِ وَالْمِهْمَازِ وَالرُّمْحِ أَوْ مَا يُشْبِهُ الْمُحَدَّدَ كَالْإِصْبَعِ، وَالْمُرَادُ مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ إِثَارَتُهُ دَاعِيَةَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ فِي غَضَبٍ أَوْ شَهْوَةٍ حَيَوَانِيَّةٍ أَوْ مَعْنَوِيَّةٍ، بِحَيْثُ تُقْحِمُ صَاحِبَهَا إِلَى الْعَمَلِ بِتَأْثِيرِهَا، كَمَا تُنْخَسُ الدَّابَّةُ بِالْمِهْمَازِ لِتُسْرِعَ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست