responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 416
ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَيْبَسَ فَيَيْبَسُ، وَيَأْمُرُ جَبَلَ طُورٍ وَجَبَلَ زِيتَا أَنْ يَنْتَطِحَا فَيَنْتَطِحَا، وَيَأْمُرُ الرِّيحَ أَنْ تُثِيرَ سَحَابًا مِنَ الْبَحْرِ فَتُمْطِرُ الْأَرْضَ، وَيَخُوضُ الْبَحْرَ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَ خَوْضَاتٍ فَلَا يَبْلُغُ حَقْوَيْهِ، وَإِحْدَى يَدَيْهِ أَطْوَلُ مِنَ الْأُخْرَى فَيَمُدُّ الطَّوِيلَةَ فِي الْبَحْرِ فَتَبْلُغُ قَعْرَهُ فَيُخْرِجُ مِنَ الْحِيتَانِ مَا يُرِيدُ اهـ.
بِمِثْلِ هَذِهِ الْخُرَافَاتِ كَانَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ يَغُشُّ الْمُسْلِمِينَ; لِيُفْسِدَ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَسُنَّتَهُمْ، وَخُدِعَ بِهِ النَّاسُ لِإِظْهَارِ التَّقْوَى وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
وَجُمْلَةُ أَخْبَارِ الدَّجَّالِ قَالُوا: إِنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ، يَعْنُونَ التَّوَاتُرَ الْمَعْنَوِيَّ، وَهُوَ أَنَّ لَهَا أَصْلًا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَاتَرْ شَيْءٌ مِنْ رِوَايَاتِهَا. وَيَدُلُّ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ مِنْهَا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كُشِفَ لَهُ وَتَمَثَّلَ لَهُ ظُهُورُ دَجَّالٍ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يُظْهِرُ لِلنَّاسِ خَوَارِقَ كَثِيرَةً وَغَرَائِبَ يَفْتَتِنُ بِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأَنَّهُ مِنَ الْيَهُودِ، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَهُ وَيُقَاتِلُونَ الْيَهُودَ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُقَدَّسَةِ وَيَنْتَصِرُونَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ كُشِفَ لَهُ ذَلِكَ مُجْمَلًا غَيْرَ مُفَصَّلٍ وَلَا بِوَحْيٍ عَنِ اللهِ تَعَالَى - كَمَا كُشِفَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْفِتَنِ - فَذَكَرَهُ فَتَنَاقَلَهُ الرُّوَاةُ بِالْمَعْنَى فَأَخْطَأَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَتَعَمَّدَ الَّذِينَ كَانُوا يُثْبِتُونَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الدَّسَّ فِي رِوَايَاتِهِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُومَ طُلَّابُ الْمُلْكِ مِنَ الْيَهُودِ الصُّهْيُونِيِّينَ بِتَدْبِيرِ فِتْنَةٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى يَسْتَعِينُونَ عَلَيْهَا بِخَوَارِقِ الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ الْعَصْرِيَّةِ كَالْكَهْرَبَاءِ وَالْكِيمْيَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ.
(التَّعَارُضُ وَالْإِشْكَالَاتُ فِي أَحَادِيثِ الْمَهْدِيِّ)
وَأَمَّا التَّعَارُضُ فِي أَحَادِيثِ الْمَهْدِيِّ فَهُوَ أَقْوَى وَأَظْهَرُ ; وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فِيهِ أَعْسَرُ، وَالْمُنْكِرُونَ لَهَا أَكْثَرُ، وَالشُّبْهَةُ فِيهَا أَظْهَرُ ; وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَدَّ الشَّيْخَانِ بِشَيْءٍ مِنْ رِوَايَاتِهَا فِي صَحِيحَيْهِمَا. وَقَدْ كَانَتْ أَكْبَرَ مَثَارَاتِ الْفَسَادِ وَالْفِتَنِ فِي الشُّعُوبِ الْإِسْلَامِيَّةِ ; إِذْ تَصَدَّى كَثِيرٌ مِنْ مُحِبِّي الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ، وَمِنْ أَدْعِيَاءِ الْوِلَايَةِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ، لِدَعْوَى الْمَهْدَوِيَّةِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، وَتَأْيِيدِ دَعْوَاهُمْ بِالْقِتَالِ وَالْحَرْبِ، وَبِالْبِدَعِ وَالْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى خَرَجَ أُلُوفُ الْأُلُوفِ عَنْ هِدَايَةِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَمَرَقَ بَعْضُهُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ.
وَقَدْ كَانَ مِنْ حَقِّ تَصْدِيقِ الْجَمَاهِيرِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِخُرُوجِ مَهْدِيٍّ يُجَدِّدُ الْإِسْلَامَ وَيَنْشُرُ الْعَدْلَ فِي جَمِيعِ الْأَنَامِ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى الِاسْتِعْدَادِ لِظُهُورِهِ بِتَأْلِيفِ عُصْبَةٍ قَوِيَّةٍ تَنْهَضُ بِزَعَامَتِهِ، وَتُسَاعِدُهُ عَلَى إِقَامَةِ أَرْكَانِ إِمَامَتِهِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا، بَلْ تَرَكُوا مَا يَجِبُ لِحِمَايَةِ الْبَيْضَةِ وَحِفْظِ سُلْطَانِ الْمِلَّةِ بِجَمْعِ كَلِمَةِ الْأُمَّةِ، وَبِإِعْدَادِ مَا اسْتَطَاعُوا مِنْ حَوْلٍ وَقُوَّةٍ فَاتَّكَلُوا وَتَوَاكَلُوا، وَتَنَازَعُوا وَتَخَاذَلُوا، وَلَمْ يَعِظْهُمْ مَا نُزِعَ مَنْ مُلْكِهِمْ، وَمَا سُلِبَ مِنْ مَجْدِهِمْ، اتِّكَالًا عَلَى قُرْبِ الْمَهْدِيِّ، كَأَنَّهُ هُوَ الْمُعِيدُ الْمُبْدِئُ، فَهُوَ الَّذِي سَيَرُدُّ إِلَيْهِمْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست