responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 41
السَّبَئِيِّينَ وَجَمْعِيَّاتِ الْفُرْسِ تَرْجِعُ جَمِيعُ الْفِتَنِ السِّيَاسِيَّةِ، وَأَكَاذِيبِ الرِّوَايَةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ.
قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ. فَصْلٌ فِي حَقِيقَةِ السِّحْرِ وَأَنْوَاعِهِ
كَانَ السِّحْرُ فَنًّا مِنْ فُنُونِ قُدَمَاءِ الْمِصْرِيِّينَ يَتَعَلَّمُونَهُ فِي مَدَارِسِهِمُ الْعَالِيَةِ مَعَ سَائِرِ عُلُومِ الْكَوْنِ، وَكَانَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَقْرَانِهِمْ مِنَ الْبَابِلِيِّينَ وَكَذَا الْهُنُودُ وَغَيْرُهُمْ، وَلَا يَزَالُ يُؤْثَرُ عَنِ الْوَثَنِيِّينَ مِنْهُمْ أَعْمَالٌ سِحْرِيَّةٌ غَرِيبَةٌ اهْتَدَى عُلَمَاءُ الْإِنْكِلِيزِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْإِفْرِنْجِ إِلَى تَعْلِيلِ بَعْضِهَا أَوْ كَشْفِ حَقِيقَتِهِ، وَلَا يَزَالُونَ يَجْهَلُونَ تَعْلِيلَ بَعْضٍ، وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ لِلسِّحْرِ أَنَّهُ أَعْمَالٌ غَرِيبَةٌ مِنَ التَّلْبِيسِ وَالْحِيَلِ تَخْفَى حَقِيقَتُهَا عَلَى جَمَاهِيرِ النَّاسِ؛ لِجَهْلِهِمْ بِأَسْبَابِهَا، فَمَتَى عُرِفَ سَبَبُ شَيْءٍ مِنْهَا بَطَلَ إِطْلَاقُ اسْمِ السِّحْرِ عَلَيْهِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ الْأَقْوَامُ الْجَاهِلُونَ يَعُدُّونَ آيَاتِ الرُّسُلِ الْكَوْنِيَّةَ الَّتِي يُؤَيِّدُهُمُ اللهُ تَعَالَى بِهَا مِنْ قَبِيلِ السِّحْرِ، يَجْعَلُونَ هَذَا مَانِعًا مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى صِدْقِهِمْ وَتَأْيِيدِ اللهِ تَعَالَى لَهُمْ؛ لِأَنَّ السِّحْرَ صَنْعَةٌ تَتَلَقَّى بِالتَّعْلِيمِ وَالتَّمْرِينِ، فَيُمْكِنُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَكُونَ سَاحِرًا إِذَا أُتِيحَ لَهُ مَنْ يُعَلِّمُهُ السِّحْرَ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ فِي التَّارِيخِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ السِّحْرَ لَا يَرُوجُ إِلَّا بَيْنَ الْجَاهِلِينَ، وَلَهُ الْمَكَانَةُ الْمَهِيبَةُ الْمُخِيفَةُ بَيْنَ أَعْرَاقِ الْقَبَائِلِ فِي الْهَمَجِيَّةِ وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَنْتَشِرُ فِيهَا الْعِلْمُ وَالْعِرْفَانُ، بَلْ يُسَمَّى أَهْلُهُ بِأَسْمَاءٍ أُخْرَى كَالْمُشَعْوِذِينَ وَالْمُحْتَالِينَ وَالدَّجَّالِينَ.
وَقَدْ سَبَقَ لَنَا بَيَانُ حَقِيقَةِ السِّحْرِ فِي قِصَّةِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْ جُزْءِ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، وَفِي بَعْضِ مُجَلَّدَاتِ الْمَنَارِ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: (النَّوْعُ الْأَوَّلُ) : مَا يَعْمَلُ بِالْأَسْبَابِ الطَّبِيعَةِ مِنْ خَوَاصِّ الْمَادَّةِ الْمَعْرُوفَةِ لِلْعَامِلِ الْمَجْهُولَةِ عِنْدَ مَنْ يَسْحَرُهُمْ بِهَا، وَمِنْهَا الزِّئْبَقُ الَّذِي قِيلَ: إِنَّ سَحَرَةَ فِرْعَوْنَ وَضَعُوهُ فِي حِبَالِهِمْ وَعِصِيِّهِمْ كَمَا سَيَأْتِي،
وَلَوْ شَاءَ عُلَمَاءُ الطَّبِيعَةِ وَالْكِيمْيَاءِ فِي هَذَا الْعَصْرِ أَنْ يُجْلُوا أَنْفُسَهُمْ سَحَرَةً فِي بِلَادِ أَوَاسِطِ إِفْرِيقِيَّةَ الْهَمَجِيَّةِ وَأَمْثَالِهَا مِنَ الْبِلَادِ الْجَاهِلَةِ الَّتِي يَرُوجُ فِيهَا السِّحْرُ الْعَتِيقُ لَأَرَوْهُمْ مِنْ عَجَائِبِ الْكَهْرَبَاءِ، وَغَيْرِهَا مَا يُخْضِعُونَهُمْ بِهِ لِعِبَادَتِهِمْ لَوِ ادَّعَوُا الْأُلُوهِيَّةَ فِيهِمْ، دَعْ دَعْوَى النُّبُوَّةِ أَوِ الْوِلَايَةِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ السَّحَرَةُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْبِلَادِ عَلَى بَعْضِ السُّيَّاحِ الْغَرْبِيِّينَ لِيُرْهِبُوهُمْ بِسِحْرِهِمْ، وَكَانُوا فِي مَكَانٍ بَارِدٍ، وَالْفَصْلُ شِتَاءٌ فَأَخَذَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ السُّيَّاحِ قِطْعَةً مِنَ الْجَلِيدِ وَجَعْلِهَا بِشَكْلٍ عَدَسِيٍّ بِقَدْرِ مَا يُرَى مِنْ قُرْصِ الشَّمْسِ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّنِي أَعْلَمُ مِنْكُمْ بِالسِّحْرِ، وَإِنَّنِي أَقْدِرُ بِهِ أَنْ أَجْعَلَ فِي يَدِي شَمْسًا كَشَمْسِ السَّمَاءِ ثُمَّ وَجَّهَ عَدَسَتَيْهِ إِلَى الشَّمْسِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست