responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 40
قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ أَيْ: قَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنْ
كُنْتَ جِئْتَ مَصْحُوبًا وَمُؤَيَّدًا بِآيَةٍ مِنْ عِنْدِ مَنْ أَرْسَلَكَ كَمَا تَدَّعِي - الشَّرْطُ بِـ " إِنْ " يَدُلُّ عَلَى الشَّكِّ فِي مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ أَوِ الْجَزْمِ بِنَفْيِهَا - فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأْتِنِي بِهَا بِأَنْ تُظْهِرَهَا لَدَيَّ إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ الْمُلْتَزِمِينَ لِقَوْلِ الْحَقِّ، وَهَذَا شَكٌّ آخَرُ فِي صِدْقِهِ، بَعْدَ الشَّكِّ فِي مَجِيئِهِ بِالْآيَةِ.
فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ أَيْ: فَلَمْ يَلْبَثْ مُوسَى أَنْ أَلْقَى عَصَاهُ الَّتِي كَانَتْ بِيَمِينِهِ أَمَامَ فِرْعَوْنَ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ - وَهُوَ الذَّكَرُ الْعَظِيمُ مِنَ الْحَيَّاتِ - مُبِينٌ؛ أَيْ: ظَاهِرٌ بَيِّنٌ لَا خَفَاءَ فِي كَوْنِهِ ثُعْبَانًا حَقِيقِيًّا يَسْعَى وَيَنْتَقِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ، تَرَاهُ الْأَعْيُنُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْحَرَهَا سَاحِرٌ فَيُخَيَّلَ إِلَيْهَا أَنَّهَا تَسْعَى - كَمَا سَيَأْتِي مِنْ أَعْمَالِ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ - وَنَزَعَ يَدَهُ؛ أَيْ: أَخْرَجَهَا مِنْ جَيْبِ قَمِيصِهِ بَعْدَ أَنْ وَضَعَهَا فِيهِ بَعْدَ إِلْقَاءِ الْعَصَا فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ نَاصِعَةُ الْبَيَاضِ تَتَلَأْلَأُ لِلنَّاظِرِينَ إِلَيْهِ، وَهُمْ فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ أَوْ لِكُلِّ مَنْ يَنْظُرُهُ، وَالنَّظَّارَةُ هُمُ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ عَادَةً لِرُؤْيَةِ الْأُمُورِ الْغَرِيبَةِ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ تَعَالَى بَيْضَهَا فِي طَهَ وَالنَّمْلِ وَالْقَصَصِ بِأَنَّهُ: مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ كَالْبَرَصِ.
وَفِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ رِوَايَاتٌ فِي صِفَةِ الثُّعْبَانِ الَّذِينَ تَحَوَّلَتْ إِلَيْهِ عَصَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَفِي تَأْثِيرِهِ لَدَى فِرْعَوْنَ مَا هِيَ إِلَّا مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الَّتِي لَا يَصِحُّ لَهَا سَنَدٌ، وَلَا يُوثَقُ مِنْهَا بِشَيْءٍ، وَمِنْهَا قَوْلُ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: إِنَّ الْعَصَا لَمَّا صَارَتْ ثُعْبَانًا حَمَلَتْ عَلَى النَّاسِ فَانْهَزَمُوا مِنْهَا فَمَاتَ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقَامَ فِرْعَوْنُ مُنْهَزِمًا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِيهِ غَرَابَةٌ فِي سِيَاقِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ اهـ.
وَقَدِ اقْتَصَرْتُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَقُولَ: إِنَّنِي أُرَجِّحُ تَضْعِيفَ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ لِوَهْبٍ عَلَى تَوْثِيقِ الْجُمْهُورِ لَهُ، بَلْ أَنَا أَسْوَأُ فِيهِ ظَنًّا عَلَى مَا رُوِيَ مِنْ كَثْرَةِ عِبَادَتِهِ، وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ كَانَ لَهُ ضِلْعٌ مَعَ قَوْمِهِ الْفُرْسِ الَّذِينَ كَانُوا يَكِيدُونَ لِلْإِسْلَامِ وَلِلْعَرَبِ، وَيَدُسُّونَ لَهُمْ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ، وَمِنْ طَرِيقِ التَّشَيُّعِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ وَالِدَهُ مُنَبِّهًا فَارِسِيٌّ أَخْرَجَهُ كِسْرَى إِلَى الْيَمَنِ فَأَسْلَمَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَأَنَّ ابْنَهُ وَهْبًا كَانَ يَخْتَلِفُ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى بِلَادِهِ بَعْدَ فَتْحِهَا، وَهُنَا مَوْضِعٌ لِشُبْهَةٍ فِي الْغَرَائِبِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْهُ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ - وَمِثْلُهُ عِنْدِي (كَعْبُ الْأَحْبَارِ) الْإِسْرَائِيلِيُّ - كِلَاهُمَا كَانَ تَابِعِيًّا كَثِيرَ الرِّوَايَةِ لِلْغَرَائِبِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ لَهَا أَصْلٌ مَنْقُولٌ وَلَا مَعْقُولٌ، وَقَوْمُهُمَا كَانَا يَكِيدُونَ
لِلْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي فَتَحَتْ بِلَادَهُ الْفُرْسَ، وَأَجْلَتِ الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ، فَقَاتِلُ الْخَلِيفَةِ الثَّانِي فَارِسِيٌّ مُرْسَلٌ مِنْ جَمْعِيَّةٍ سِرِّيَّةٍ لِقَوْمِهِ، وَقَتَلَةُ الْخَلِيفَةِ الثَّالِثِ كَانُوا مَفْتُونِينَ بِدَسَائِسِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَبَأٍ الْيَهُودِيِّ، وَإِلَى جَمْعِيَّةِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست