responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 32
هَذِهِ السُّورَةِ: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى إِلَخْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَهُمَا وَابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: لَمَّا ابْتَلَاهُمْ بِالشَّدَّةِ وَالْجَهْدِ وَالْبَلَاءِ ثُمَّ أَتَاهُمْ بِالرَّخَاءِ وَالْعَافِيَةِ ذَمَّ اللهُ أَكْثَرَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ وَيَعْنِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ شَأْنِ الْفِطْرَةِ فِي الرُّجُوعِ إِلَى اللهِ عِنْدَ الشِّدَّةِ، وَكَوْنِ هَؤُلَاءِ لَمْ تُؤَدِّبْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ، وَهَذَا فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الْعَهْدِ الْفِطْرِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَاهِدُونَ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ الضِّيقِ بِأَنْ يَشْكُرُوا لَهُ وَيُوَحِّدُوهُ إِذَا أَنْجَاهُمْ كَمَا حَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ فِي عِدَّةِ سُوَرٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ تَفْسِيرُ الْعَهْدِ بِالْإِيمَانِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (19: 87) وَهُوَ يَتَّفِقُ مَعَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، كَمَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْجُمْلَةِ: وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ؛ أَيْ: لِأَكْثَرِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مِنْ عَهْدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالْعَهْدُ الَّذِي أَخَذَهُ هُوَ الَّذِي جَبَلَهُمْ عَلَيْهِ وَفَطَرَهُمْ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَصْلَابِ أَنَّهُ رَبُّهُمْ وَمَلِيكُهُمْ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَقَرُّوا بِذَلِكَ، وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِهِ، وَخَالَفُوهُ وَتَرَكُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَعَبَدُوا مَعَ اللهِ غَيْرَهُ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا حُجَّةٍ لَا مِنْ عَقْلٍ، وَلَا مِنْ شَرْعٍ، وَفِي الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَجَاءَتِ الرُّسُلُ الْكِرَامُ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، كَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: " يَقُولُ اللهُ: إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ فَجَاءَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمْتُ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ " الْحَدِيثَ اهـ.
وَالصَّوَابُ: أَنَّ الْعَهْدَ يَعُمُّ هُنَا كُلَّ مَا يَصْلُحُ لَهُ مِنْ عَهْدٍ فِطْرِيٍّ وَشَرْعِيٍّ وَعُرْفِيٍّ مِمَّا يَلْتَزِمُهُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فِي تَعَاهُدِهِمْ وَتَعَاقُدِهِمْ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ مَعَ تَأْكِيدِ النَّفْيِ بِـ " مِنْ " كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِ أُولَئِكَ الْأَقْوَامِ عَهْدًا مَا يَفُونُ بِهِ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ أَيْ: وَإِنَّ الشَّأْنَ الَّذِي وَجَدْنَا عَلَيْهِمْ أَكْثَرَهُمْ هُوَ التَّمَكُّنُ مِنَ الْفُسُوقِ، وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ كُلِّ عَهْدٍ فِطْرِيٍّ وَشَرْعِيٍّ بِالنَّكْثِ وَالْغَدْرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي، وَإِنَّمَا حَكَمَ عَلَى الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ آمَنَ وَالْتَزَمَ كُلَّ عَهْدٍ عَاهَدَ اللهَ عَلَيْهِ، أَوْ عَاهَدَهُ اللهُ عَلَيْهِ، أَوْ تَعَاهَدَ عَلَيْهِ مَعَ النَّاسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَفِي بِبَعْضِ ذَلِكَ حَتَّى فِي حَالِ الْكُفْرِ؛ إِذْ لَا تَتَّفِقُ أَفْرَادُ أُمَّةٍ كَبِيرَةٍ عَلَى الشَّرِّ وَالْبَاطِلِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهَذَا مِنْ دِقَّةِ الْقُرْآنِ فِي تَحْدِيدِ الْحَقَائِقِ بِالصِّدْقِ الَّذِي لَا تَشُوبُهُ شُبَهَاتُ الْمُبَالَغَةِ بِمَا يَسْلُبُ أَحَدًا حَقَّهُ، أَوْ يُعْطِي أَحَدًا غَيْرَ حَقِّهِ، وَقَدْ نَوَّهْنَا
بِهَذِهِ الدِّقَّةِ مِنْ قَبْلُ، وَغَفَلَ عَنْهَا بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فَزَعَمُوا هُنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْثَرِ الْكُلُّ فِي الْكُلِّ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست