responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 13
الَّذِي جَنَيْتَ عَلَيْنَا، أَنْتَ الَّذِي سَلَّطْتَ عَلَيْنَا أَعْدَاءَنَا، أَنْتَ الَّذِي فَرَّقْتَ كَلِمَتَنَا، أَنْتَ الَّذِي أَوْقَعْتَ الشِّقَاقَ بَيْنَنَا.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ: إِنَّ فِي هَذَا الِاسْتِئْنَافِ وَتَكْرِيرِ الْمَوْصُولِ وَالصِّلَةِ مُبَالَغَةً فِي رَدِّ مَقَالَةِ الْمَلَأِ لِأَشْيَاعِهِمْ، وَتَسْفِيهًا لِرَأْيِهِمْ، وَاسْتِهْزَاءً بِنُصْحِهِمْ لِقَوْمِهِمْ، وَاسْتِعْظَامًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِمْ اهـ، وَقَدْ خَفِيَتْ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْأَذْكِيَاءِ دَلَالَةُ الْعِبَارَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا لِعَدَمِ تَأَمُّلِهَا، فَأَمَّا الْمُبَالَغَةُ فِي الرَّدِّ فَظَاهِرَةٌ لِمَا يُدْرِكُهُ كُلٌّ مِنَ الْفَرْقِ فِي نَفْسِهِ بَيْنَ مَا مَثَّلْنَا بِهِ آنِفًا لِأُسْلُوبِ الْخَطَابَةِ، وَبَيْنَ ذِكْرِ تِلْكَ الْمُسْتَنَدَاتِ بِالْعَطْفِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ تَكْرَارَ ذِكْرِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِصِيغَةِ الْمَوْصُولِ وَالصِّلَةِ الْمُؤْذَنِ بِعِلَّةِ الْجَزَاءِ يُعِيدُ صُورَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الذِّهْنِ، وَيَكُونُ حُكْمًا جَدِيدًا بَعْدَ حُكْمٍ، وَلِلْحُكْمَيْنِ مِنَ التَّأْثِيرِ فِي النَّفْسِ مَا لَيْسَ لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا تَسْفِيهُ الرَّأْيِ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِذَلِكَ النُّصْحِ، فَهُوَ تَابِعٌ لِهَذَا التَّأْثِيرِ الْمُتَضَمِّنِ لِمَا ذُكِرَ مِنَ التَّصْوِيرِ وَالتَّمْثِيلِ.
فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِهِ فِي قِصَّةِ صَالِحٍ وَفِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ فِي ذِكْرِ التَّوَلِّي عَنِ الْقَوْمِ، وَمُخَاطَبَتِهِمْ بَعْدَ هَلَاكِهِمْ، وَقَدِ اتَّحَدَ إِعْذَارُ الرَّسُولَيْنِ لِاتِّحَادِ حَالِ الْقَوْمَيْنِ وَعَذَابِهِمَا، وَلَكِنْ تَتِمَّةُ الْآيَةِ هُنَاكَ: وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79) وَتَتِمَّةُ الْآيَةِ هُنَا: فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ؟ وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَا قَدْ قَالَا هَذَا وَذَاكَ، فَعَبَّرَ عَنْهُمَا بِأُسْلُوبِ الِاحْتِبَاكِ، وَالْمَعْنَى: إِنَّنِي يَا قَوْمِ قَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي - أَيْ: مَا أَرْسَلَنِي بِهِ إِلَيْكُمْ مِنَ الْعَقَائِدِ وَالْمَوَاعِظِ وَالْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ - فَجَمَعَ الرِّسَالَةَ هُنَا بِحَسَبِ مُتَعَلِّقِهَا، وَأَفْرَدَهَا فِي قِصَّةِ صَالِحٍ بِحَسَبِ مَعْنَاهَا الْمَصْدَرِيِّ - وَنَصَحْتُ لَكُمْ بِمَا بَيَّنْتُهُ مِنْ مَعَانِيهَا وَالتَّرْغِيبِ فِيهَا وَإِنْذَارِ عَاقِبَةِ الْكُفْرِ بِهَا فَكَيْفَ آسَى؟ أَيْ: أَحْزَنُ الْحُزْنَ الشَّدِيدَ عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ أَعْذَرْتُ إِلَيْهِمْ، وَبَذَلْتُ جُهْدِي فِي سَبِيلِ هِدَايَتِهِمْ وَنَجَاتِهِمْ، فَاخْتَارُوا مَا فِيهِ هَلَاكُهُمْ، وَإِنَّمَا يَأْسَى مَنْ قَصَّرَ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ النُّصْحِ وَالْإِنْذَارِ.
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ
مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
"

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست