responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 89
الْمُسْلِمِينَ هَذِهِ الْوِلَايَةَ بَيْنَهُمْ وَتَخَاذُلِهِمْ وَتَوَلِّي بَعْضِهِمْ لِمَنْ نَهَاهُمُ اللهُ عَنْ وِلَايَتِهِمْ، وَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. وَقَالَ تَعَالَى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) (9: 67) إِلَخْ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَرْبَعِ آيَاتٍ: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) (9: 71) فَالْآيَاتُ كُلُّهَا تَقْرِنُ الْوِلَايَةَ بَيْنَ كُلِّ فَرِيقٍ بِالْعَمَلِ الِاخْتِيَارِيِّ. وَقَدْ قُدِّمَ فِي الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ الْعَمَلُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْأُمُورِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، عَلَى الْعَمَلِ الشَّخْصِيِّ حَتَّى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَقَامِ التَّعَاوُنِ وَالتَّنَاصُرِ.
وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ الْأَعْمَشَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا) مَا سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ فِيهِ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: إِذَا فَسَدَ النَّاسُ أُمِّرَّ عَلَيْهِمْ شِرَارُهُمْ. وَالْأَعْمَشُ تَابِعِيٌّ، فَهُوَ إِنَّمَا يَسْأَلُ عَنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ، وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِ قَتَادَةَ، فَإِنَّ الْأُمَّةَ الصَّالِحَةَ لَا تَقْبَلُ الْأُمَرَاءَ وَالْحُكَّامَ الْفَاسِدِينَ الظَّالِمِينَ، بَلْ تُسْقِطُهُمْ إِذَا نَزَوْا عَلَى مَصَالِحِهَا وَتُوَلِّي الْخِيَارَ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ صَلَاحُهَا بِقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ الَّذِي جَعَلَ أَمْرَ النَّاسِ شُورَى بَيْنَهُمْ، فَأَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ زُعَمَاءِ الْأُمَّةِ هُمُ الَّذِينَ يُوَلُّونَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ، وَيُرَاقِبُونَ سَيْرَهُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، وَيَعْزِلُونَهُ إِذَا اقْتَضَتِ الْمُصْلَحَةُ ذَلِكَ. وَقَدِ اتَّبَعَ السُّيُوطِيُّ رِوَايَةَ الْأَعْمَشِ فِي (الدُّرِّ الْمَنْثُورِ) بِأَثَرٍ مِنَ الزَّبُورِ فِي انْتِقَامِ اللهِ تَعَالَى مِنَ الْمُنَافِقِ بِالْمُنَافِقِ، ثُمَّ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ: وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي التَّارِيخِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَمَا تَكُونُونَ كَذَلِكَ يُؤَمَّرُ عَلَيْكُمْ " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا مُنْقَطِعٌ وَيَحْيَى ضَعِيفٌ. ثُمَّ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ آثَارًا إِسْرَائِيلِيَّةً فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلُهَا قَوْلُ كَعْبِ الْأَحْبَارِ: إِنَّ لِكُلِّ زَمَانٍ مَلِكًا يَبْعَثُهُ اللهُ عَلَى نَحْوِ قُلُوبِ أَهْلِهِ، فَإِذَا أَرَادَ صَلَاحَهُمْ بَعَثَ عَلَيْهِمْ مَلِكًا مُصْلِحًا، وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَتَهُمْ بَعَثَ عَلَيْهِمْ مُتْرَفَهُمْ. ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُلُوكَ يَتَصَرَّفُونَ فِي الْأُمَمِ الْجَاهِلَةِ الضَّالَّةِ تَصَرُّفَ الرُّعَاةِ فِي الْأَنْعَامِ السَّائِمَةِ، فَالْمَلِكُ الْمُتْرَفُ - وَهُوَ الَّذِي أَكْبَرُ
هَمِّهِ التَّمَتُّعُ بِاللَّذَّاتِ الْجَسَدِيَّةِ وَمَظَاهِرِ الْعَظْمَةِ وَالسُّلْطَانِ - يَتَّخِذُ لِنَفْسِهِ الْوُزَرَاءَ وَالْقُوَّادَ وَالْبِطَانَةَ وَالْحَاشِيَةَ مِنْ أَمْثَالِهِ الْمُتْرَفِينَ. فَيُقَلِّدُهُمْ جُمْهُورُ النَّاسِ فِي أَعْمَالِهِمُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست