responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 450
الشَّدِيدَةِ بِالْعَاتِيَةِ، وَمِنْهُ عُتُوُّ الْجَبَّارِينَ وَالْمُسْتَكْبِرِينَ، وَتُوصَفُ النَّخْلَةُ الْعَالِيَةُ بِالْعَاتِيَةِ لِامْتِنَاعِهَا عَلَى مَنْ يُرِيدُ جَنَاهَا إِلَّا بِمَشَقَّةِ التَّسَلُّقِ وَالصُّعُودِ. رَوَى أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ حَسَّنَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجْرِ قَالَ: " لَا تَسْأَلُوا الْآيَاتِ فَقَدْ سَأَلَهَا قَوْمُ صَالِحٍ وَكَانَتِ النَّاقَةُ تَرِدُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ وَتَصْدُرُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ، فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ، وَكَانَتْ تَشْرَبُ يَوْمًا وَيَشْرَبُونَ لَبَنَهَا يَوْمًا، فَعَقَرُوهَا فَأَخَذَتْهُمْ صَيْحَةٌ أَهْمَدَ اللهُ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا كَانَ فِي حَرَمِ اللهِ - وَهُوَ أَبُو رُغَالٍ - فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ أَصَابَهُ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ.
(وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) نَادَوْهُ بِاسْمِهِ تَهْوِينًا لِشَأْنِهِ وَتَعْرِيضًا بِمَا يَظُنُّونَ مِنْ عَجْزِهِ، وَقَالُوا! ائْتِنَا بِمَا أَوْعَدْتَنَا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ وَلَا تَزَالُ مُصِرًّا عَلَيْهِ وَمُعَلِّقًا لَهُ عَلَى مَسِّ النَّاقَةِ بِسُوءٍ - إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى وَتَدَّعِي أَنَّ وَعِيدَكَ تَبْلِيغٌ عَنْهُ - وَاسْتَعْمَلَ الْوَعْدَ فِي الشَّرِّ لِأَنَّهُ عَامٌّ.
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) الرَّجْفَةُ الْمَرَّةُ مِنَ الرَّجْفِ، وَهُوَ الْحَرَكَةُ وَالِاضْطِرَابُ يُقَالُ رَجَفَ الْبَحْرُ إِذَا اضْطَرَبَتْ أَمْوَاجُهُ، وَرَجَفَتِ الْأَرْضُ زُلْزِلَتْ وَاهْتَزَّتْ وَرَجَفَ الْقَلْبُ وَالْفُؤَادُ مِنَ الْخَوْفِ، وَفِي حَدِيثِ الْوَحْيِ: فَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ يَرْجُفُ بِهَا فُؤَادُهُ، وَفِي سُورَةِ هُودٍ: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) (11: 67) وَنَحْوِهِ فِي سُورَةِ الْقَمَرِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ اللَّفْظَيْنِ وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. فَقِيلَ:
الصَّيْحَةُ صَيْحَةُ جِبْرِيلَ رَجَفَتْ مِنْهَا قُلُوبُهُمْ، وَقِيلَ: بَلِ الرَّجْفَةُ الزَّلْزَلَةُ أَخَذَتْهُمْ مِنْ تَحْتِهِمْ، وَالصَّيْحَةُ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَجَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ الصَّيْحَةَ سَبَبًا، لِلزَّلْزَلَةِ وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنَّ مِثْلَ السَّيِّدِ الْآلُوسِيِّ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ وَاسِعُ الِاطِّلَاعِ يَنْقُلُ هَذِهِ الْأَقْوَالَ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ بِمَا ذَكَرَ، وَيُصَحِّحُ بِحَقِّ التَّعْبِيرِ عَنِ الصَّيْحَةِ الْعَظِيمَةِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ بِالطَّاغِيَةِ، وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي سُورَةِ الْحَاقَّةِ، وَيَنْسَى كَالَّذِينَ نَقَلَ عَنْهُمْ أَنَّهَا الصَّاعِقَةُ وَهِيَ الْأَصْلُ كَمَا وَرَدَ فِي سُورَةِ: " حم السَّجْدَةِ - فُصِّلَتْ " وَفِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ) (41: 17) وَالثَّانِي: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) (51: 44) وَلِنُزُولِ الصَّاعِقَةِ صَيْحَةٌ شَدِيدَةُ الْقُوَّةِ وَالطُّغْيَانِ، تَرْجُفُ مِنْ وَقْعِهَا الْأَفْئِدَةُ وَتَضْطَرِبُ أَعْصَابُ الْأَبْدَانِ، وَرُبَّمَا اضْطَرَبَتِ الْأَرْضُ وَتَصَدَّعَ مَا فِيهَا مِنْ بُنْيَانٍ وَسَبَبُهَا اشْتِعَالٌ يُحْدِثُهُ اللهُ تَعَالَى بِاتِّصَالِ كَهْرَبَائِيَّةِ الْأَرْضِ بِكَهْرَبَائِيَّةِ الْجَوِّ الَّتِي يَحْمِلُهَا السَّحَابُ، فَيَكُونُ لَهُ صَوْتٌ كَالصَّوْتِ الَّذِي يُحْدِثُهُ بِاشْتِعَالِ قَذَائِفِ الْمَدَافِعِ وَتَأْثِيرِهِ فِي الْهَوَاءِ، وَهَذَا الصَّوْتُ هُوَ الْمُسَمَّى بِالرَّعْدِ كَمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ، وَأَمَّا الصَّاعِقَةُ فَهِيَ الشَّرَارَةُ الْكَهْرَبَائِيَّةُ الَّتِي تَتَّصِلُ بِالْأَرْضِ فَتُحْدِثُ فِيهَا تَأْثِيرَاتٍ عَظِيمَةً بِقَدْرِهَا، كَصَعْقِ النَّاسِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَمَوْتِهِمْ، وَهَدْمِ الْمَبَانِي أَوْ تَصْدِيعِهَا، وَإِحْرَاقِ الشَّجَرِ وَالْمَتَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. هَذَا مَا وَصَلَ إِلَيْهِ عِلْمُ الْبَشَرِ فِي هَذَا الْعَصْرِ، وَمِنَ الدَّلَائِلِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست