responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 439
أَعِظُكُمْ بِهِ مِنَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَأَنَا فِي هَذَا وَذَاكَ عَلَى عِلْمٍ مِنَ اللهِ أَوْحَاهُ إِلَيَّ لَا تَعْلَمُونَ مِنْهُ شَيْئًا. أَوْ: وَأَعْلَمُ مِنْ أَمْرِ اللهِ وَشُئُونِهِ مَا لَا تَعْلَمُونَهُ وَهُوَ الْعِلْمُ بِصِفَاتِهِ وَتَعَلُّقِهَا وَآثَارِهَا فِي خَلْقِهِ وَسُنَنِهِ فِي نِظَامِ هَذَا الْعَالَمِ وَمَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ - فَإِذَا نَصَحْتُ لَكُمْ وَأَنْذَرْتُكُمْ عَاقِبَةَ شِرْكِكُمْ وَمَا اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ تَعَالَى مِنْ إِنْزَالِ الْعَذَابِ بِكُمْ فِي الدُّنْيَا إِذَا جَحَدْتُمْ وَعَانَدْتُمْ فَإِنَّمَا أَنْصَحُ لَكُمْ عَنْ عِلْمٍ
يَقِينٍ لَا تَعْلَمُونَهُ.
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ) الْهَمْزَةُ فِي أَوَّلِ الْجُمْلَةِ لِلِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ، وَالْوَاوُ بَعْدَهَا لِلْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ، وَالْمَعْنَى: أَكَذَّبْتُمْ وَعَجِبْتُمْ مِنْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ وَمَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى لِسَانِ رَجُلٍ مِنْكُمْ؟ (لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُحَذِّرَكُمْ عَاقِبَةَ كُفْرِكُمْ، وَيُعَلِّمَكُمْ بِمَا أَعَدَّ اللهُ لَهُ مِنَ الْعِقَابِ بِمَا تَفْهَمُونَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْكُمْ - وَلِأَجْلِ أَنْ تَتَّقُوا بِهَذَا الْإِنْذَارِ مَا يُسْخِطُ رَبَّكُمْ عَلَيْكُمْ مِنَ الشِّرْكِ فِي عِبَادَتِهِ، وَالْإِفْسَادِ فِي أَرْضِهِ - وَلْيُعِدْكُمْ بِالتَّقْوَى لِرَحْمَةِ رَبِّكُمُ الْمَرْجُوَّةِ لِكُلِّ مَنْ أَجَابَ الدَّعْوَةَ وَاتَّقَى، عَلَّلَ مَجِيئَهُ بِالرِّسَالَةِ بِعِلَلٍ ثَلَاثٍ مُتَعَاقِبَةٍ مُرَتَّبَةٍ كَمَا تَرَى.
وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: (عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ) أَنَّ شُبْهَتَهُمْ عَلَى الرِّسَالَةِ هِيَ كَوْنُ الرَّسُولِ بَشَرًا مِثْلَهُمْ، كَأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْبَشَرِيَّةِ وَصِفَاتِهَا الْعَامَّةِ يَقْتَضِي التَّسَاوِي فِي الْخَصَائِصِ وَالْمَزَايَا وَيَمْنَعُ الِانْفِرَادَ بِشَيْءٍ مِنْهَا! وَهَذَا بَاطِلٌ بِالِاخْتِبَارِ وَالْمُشَاهَدَةِ فِي الْغَرَائِزِ وَالْقُوَى الْعَقْلِيَّةِ وَالْعَضَلِيَّةِ، وَفِي الْمَعَارِفِ وَالْأَعْمَالِ الْكَسْبِيَّةِ، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْبَشَرِ عَظِيمٌ جِدًّا لَا يُشْبِهُهُمْ فِيهِ نَوْعٌ آخَرُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ فَرَضْنَا التَّسَاوِي بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَمْنَعُ أَنْ يَخْتَصَّ الْخَالِقُ الْحَكِيمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِمَا هُوَ فَوْقَ الْمَعْهُودِ فِي الْغَرَائِزِ وَالْمُكْتَسَبِ بِالتَّعَلُّمِ؟ كَلَّا، إِنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدِ اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ وَمَشِيئَتُهُ وَنَفَذَتْ بِهِ قُدْرَتُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فِي أَوَائِلِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ.
(فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) فَكَذَّبُوهُ وَأَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُهُمْ فَأَنْجَيْنَاهُ مِنَ الْغَرَقِ وَالَّذِينَ سَلَكَهُمْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (11: 40) كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي قِصَّتِهِ الْمُفَصَّلَةِ فِي سُورَةِ هُودٍ - أَوِ الْمَعْنَى: أَنْجَيْنَاهُ وَأَنْجَيْنَاهُمْ حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ أَيِ السَّفِينَةِ (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ) أَيْ وَأَغْرَقَنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا بِالطُّوفَانِ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ، وَلِمَاذَا كَذَّبُوا؟ إِنَّهُمْ مَا كَذَّبُوا إِلَّا لِعَمًى فِي بَصَائِرِهِمْ حَالَ دُونَ اعْتِبَارِهِمْ وَفَهْمِهِمْ لِدَلَالَةِ الْآيَاتِ عَلَى تَوْحِيدِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى إِرْسَالِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 439
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست