responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 436
قَصَصُ الرُّسُلِ الْمَشْهُورِينَ مَعَ أَقْوَامِهِمْ
هَذَا سِيَاقٌ جَدِيدٌ فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ الْمَشْهُورِ ذِكْرُهُمْ فِي الْأُمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالشُّعُوبِ الْمُجَاوِرَةِ لَهَا، قَدْ سَبَقَ التَّمْهِيدُ لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ نِدَاءِ اللهِ تَعَالَى لِبَنِي آدَمَ بِقَوْلِهِ: (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) - إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ 35 و36 - وَمِنْهُ يُعْلَمُ وَجْهُ التَّنَاسُبِ وَاتِّصَالِ الْكَلَامِ.
قِصَّةُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
قَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ) بَدَأَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الْقِصَّةَ بِالْقَسَمِ لِتَأْكِيدِ خَبَرِهَا لِأَوَّلِ مَنْ وَجَّهَ إِلَيْهِمُ الْخِطَابَ بِهَا، وَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ إِذْ كَانُوا يُنْكِرُونَ الرِّسَالَةَ وَالْوَحْيَ، عَلَى كَوْنِهِمْ أُمِّيِّينَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنْ عُلُومِ الْأُمَمِ وَقَصَصِ الرُّسُلِ شَيْءٌ. إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَلِمَةً فِي بَيْتِ شِعْرٍ مَأْثُورٍ أَوْ عِبَارَةً نَاقِصَةً مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، حَيْثُ كَانُوا يَلْقَوْنَهُمْ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ أَوِ الشَّامِ أَوْ مِمَّنْ تَهَوَّدُ أَوْ تَنَصَّرَ مِنْهُمْ، وَكُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ ظَلُّوا عَلَى أُمِّيَّتِهِمْ. وَالْقَسَمُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ لَامُهُ فِي بَدْءِ الْجُمْلَةِ، وَهِيَ لَا تَكَادُ تَجِيءُ إِلَّا مَعَ " قَدْ " لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ التَّوَقُّعِ، وَنُوحٌ أَوَّلُ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى قَوْمٍ مُشْرِكِينَ هُمْ قَوْمُهُ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ وَغَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ التَّحْقِيقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ عِنْدَ الْبَحْثِ فِي عَدَدِ الرُّسُلِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْقُرْآنِ وَهَلْ يُعَدُّ آدَمُ مِنْهُمْ أَمْ لَا؟ (ص501 وَمَا بَعْدَهَا ج 7 طَبْعَةُ الْهَيْئَةِ) وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قَوْمَ نُوحٍ هُمُ الَّذِينَ صَوَّرُوا بَعْضَ الصَّالِحِينَ مِنْهُمْ ثُمَّ وَضَعُوا لَهُمُ الصُّوَرَ وَالتَّمَاثِيلَ لِإِحْيَاءِ ذِكْرِهِمْ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ، ثُمَّ عَبَدُوا صُوَرَهُمْ وَتَمَاثِيلَهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي تَفْسِيرِ الْأَنْعَامِ (ص 454 وَمَا بَعْدَهَا ج 7 طَبْعَةُ الْهَيْئَةِ) وَغَيْرِهِ.
(فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) أَيْ فَنَادَاهُمْ بِصِفَةِ الْقَوْمِيَّةِ مُضَافَةً إِلَيْهِ اسْتِمَالَةً لَهُمْ، وَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُهُ يَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهِ فِي عِبَادَتِهِمْ، بِدُعَاءٍ يَطْلُبُونَ بِهِ مَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِكَسْبِهِمْ، وَمَا جَعَلَهُ اللهُ فِي اسْتِطَاعَتِهِمْ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُنَالُ بِهَا الْمَطَالِبُ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَوَجَّهُ فِي طَلَبِهِ إِلَى الرَّبِّ الْخَالِقِ لِكُلِّ شَيْءٍ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهَذَا التَّوَجُّهُ وَالدُّعَاءُ هُوَ مُخُّ الْعِبَادَةِ وَلُبَابُهَا فَلَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ بِاللهِ تَعَالَى أَنْ يَتَوَجَّهَ فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ أَلْبَتَّةَ - لَا اسْتِقْلَالًا وَلَا بِالتَّبَعِ لِلتَّوَجُّهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِرَادَةِ التَّوَسُّطِ بِهِ عِنْدَهُ فَإِنَّ هَذَا عَيْنُ الشِّرْكِ، الَّذِي ضَلَّ بِهِ أَكْثَرُ مَنْ ضَلَّ مِنَ الْخَلْقِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ إِلَهٍ) يُفِيدُ تَأْكِيدَ النَّفْيِ وَعُمُومَهُ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ " مَا عِنْدَنَا مِنْ طَعَامٍ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 436
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست