responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 375
مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فَيَرَوْنَهَا وَهُمْ فِي غُرُفَاتِ قُصُورِهِمْ تَتَدَفَّقُ فِي جَنَّاتِهَا وَبَسَاتِينِهَا فَيَزْدَادُونَ حُبُورًا لَا تَشُوبُهُ شَائِبَةُ كَدَرٍ. رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُحْبَسُ أَهْلُ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَا يَجُوزُونَ الصِّرَاطَ حَتَّى يُؤْخَذَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ ظُلَامَاتُهُمْ فِي الدُّنْيَا فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَيْسَ فِي قُلُوبِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ غِلٌّ " وَرَوَى هُوَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا سِيقُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَجَدُوا عِنْدَ بَابِهَا شَجَرَةً فِي أَصْلِ سَاقِهَا عَيْنَانِ فَيَشْرَبُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا فَيَنْزِعُ مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ فَهُوَ الشَّرَابُ الطَّهُورُ، وَاغْتَسَلُوا مِنَ الْأُخْرَى فَجَرَتْ عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ فَلَنْ يُشْعَثُوا وَلَنْ يُشْحَبُوا بَعْدَهَا أَبَدًا. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) . وَعَنْهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَهْلِ بَدْرٍ، أَيْ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا عَامًّا مُطْلَقًا.
(وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ) وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ " مَا كُنَّا " بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَهَذَا مِنَ الْمُخَالِفِ لِرَسْمِ الْمَصَاحِفِ. أَيْ وَيَقُولُونَ شَاكِرِينَ لِلَّهِ بِأَلْسِنَتِهِمُ الْمُعَبِّرَةِ عَنْ غِبْطَتِهِمْ وَبَهْجَتِهِمْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا فِي الدُّنْيَا لِلْإِيمَانِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي كَانَ هَذَا
النَّعِيمُ جَزَاءَهُ - فَأَدْخَلَ اللَّامَ عَلَى الْمُسَبِّبِ لِلْعِلْمِ بِالسَّبَبِ - وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ، أَيْ وَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِنَا وَلَا مُقْتَضَى بَدِيهَتِنَا أَوْ فِكْرَتِنَا أَنْ نَهْتَدِيَ إِلَيْهِ بِأَنْفُسِنَا لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ إِلَيْهِ بِتَوْفِيقِهِ إِيَّانَا لِاتِّبَاعِ رُسُلِهِ وَمَعُونَتِهِ لَنَا عَلَيْهَا وَرَحْمَتِهِ الْخَاصَّةِ.
عِلَاوَةً عَلَى هِدَايَةِ فِطْرَتِهِ الَّتِي فَطَرَنَا عَلَيْهَا، وَهِدَايَةِ مَاخَلَقَ لَنَا مِنَ الْمَشَاعِرِ وَالْعَقْلِ، تَاللهِ (لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ) فَهَذَا مِصْدَاقُ مَا وَعَدَنَا مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أَيْ وَنُودُوا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِأَنْ قِيلَ لَهُمْ: تِلْكُمْ هِيَ الْجَنَّةُ الْبَعِيدَةُ الْمَنَالِ - لَوْلَا فَضْلُ ذِي الْجَلَالِ، وَالْإِكْرَامِ - الَّتِي وَعَدَ بِوِرَاثَتِهَا الْأَتْقِيَاءَ، أُورِثْتُمُوهَا بِسَبَبِ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الصَّالِحَاتِ، فَعَلَامَةُ الْبُعْدِ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ لِلْبُعْدِ الْمَعْنَوِيِّ الَّذِي بَيَّنَّاهُ، إِذِ السِّيَاقُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ هَذَا النِّدَاءَ يَكُونُ بَعْدَ دُخُولِهَا، وَالتَّبَوُّءِ مِنْ غُرَفِ قُصُورِهَا، وَجَعَلَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ حِسِّيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّدَاءَ يَكُونُ عِنْدَ مَا يَرَوْنَهَا مُنْصَرِفِينَ إِلَيْهَا مِنَ الْمَوْقِفِ، وَبَعْضُهُمْ زَمَنِيًّا مُرَادًا بِهِ الْجَنَّةُ الْمَوْصُوفَةُ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ فِي الدُّنْيَا، وَقَدْ بَعُدَ عَهْدُ ذِكْرِهَا، وَالْوَعْدُ بِهَا، وَهُوَ وَجِيهٌ.
تَكَرَّرَ فِي الْقُرْآنِ التَّعْبِيرُ عَنْ نَيْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِلْجَنَّةِ بِالْإِرْثِ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِرْثِ أَنْ يَكُونَ انْتِقَالًا لِلشَّيْءِ مِنْ حَائِزٍ إِلَى آخَرَ، كَانْتِقَالِ مَالِ الْمَيِّتِ إِلَى وَارِثِهِ وَانْتِقَالِ الْمَمَالِكِ مِنْ أُمَّةٍ إِلَى أُخْرَى، وَكَذَا إِرْثٌ لِلْعِلْمِ وَالْكِتَابِ قَالَ تَعَالَى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ) (27: 16) وَقَالَ: (وَرِثُوا الْكِتَابَ) (7: 169) وَقَالَ: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) (35: 32)

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 375
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست