responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 370
بِالْقُذَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُضِلُّ مِنَ الْمَتْبُوعِينَ مَنِ ابْتَدَعَ الضَّلَالَ أَوْ دَعَا إِلَيْهِ أَوْ كَانَ قُدْوَةً فِيهِ؛ فَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ مِثْلَ وِزْرِ مَنْ أَضَلَّهُ سَوَاءً كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيثِ: " مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوَاضِعَ. وَالَّذِي جَرَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ التَّفَاسِيرِ الْمَعْرُوفَةِ أَنَّ الضِّعْفَ الْآخَرَ عَلَى الْأَتْبَاعِ عِقَابٌ عَلَى التَّقْلِيدِ وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ إِلَى الْكَرْخِيِّ.
قَالَ الْآلُوسِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ وَالتَّعْبِيرِ عَنْهُ بِالْأُولَى: وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّقْلِيدَ فِي الْهُدَى ضَلَالٌ وَيَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعَذَابَ. أَيْ فَكَيْفَ بِالتَّقْلِيدِ فِي الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ الَّذِي قِيلَ فِي أَهْلِهِ:
عُمْيُ الْقُلُوبِ عَمُوا عَنْ كُلِّ فَائِدَةٍ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ تَقْلِيدًا
وَلَكِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ هُنَا، فَلَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ يَقْتَضِي مُضَاعَفَةَ الْعَذَابِ عَلَى الْعَمَلِ الْمُقَلَّدِ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ ذَنْبٌ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُ كُفْرٌ بِنِعْمَةِ الْعَقْلِ، وَمَا أَوْجَبَهُ اللهُ بِالْكِتَابِ. وَالْفِطْرَةِ مِنَ الْعِلْمِ بِالنَّظَرِ وَالْبَحْثِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي اسْتِبَانَةِ الْحَقِّ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ جَزَاءَ الضِّعْفِ عَلَى الْأَتْبَاعِ بِأَنَّ اتِّخَاذَهُمُ الرُّؤَسَاءَ مَتْبُوعِينَ مِمَّا يَزِيدُ فِي طُغْيَانِهِمْ، أَوْ بِأَنَّهُ طَلَبٌ لِأَعْرَاضِ الدُّنْيَا بِاتِّبَاعِ الْهَوَى وَالْعِصْيَانِ - يُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ ذُنُوبٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا يُعَبَّرُ عَنْ عِقَابِهَا بِأَنَّهُ ضِعْفٌ إِلَّا بِضَرْبٍ مِنَ التَّجَوُّزِ.
ذَلِكَ بِأَنَّ الضِّعْفَ هُنَا هُوَ الزَّائِدُ عَلَى عِقَابِ الذَّنْبِ نَفْسِهِ بِسَبَبٍ يُلَابِسُهُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي مُحَاوَرَةِ الْأَتْبَاعِ الْمُقَلِّدِينَ لِلْمَتْبُوعِينَ مِنْ سُورَةِ ص: (قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ) (38: 61) فَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ وَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ حِكَايَةً عَنِ التَّابِعِينَ الْمَرْءُوسِينَ فِي النَّارِ: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا) (33: 67، 68) .
وَقَدْ كَانَ مِنْ سَبْقِ رَحْمَةِ اللهِ لِغَضَبِهِ وَانْتِقَامِهِ، وَغَلَبَةِ فَضْلِهِ عَلَى عَدْلِهِ، أَنْ وَعَدَ بِمُضَاعَفَةِ جَزَاءِ الْحَسَنَاتِ لِذَاتِهَا دُونَ السَّيِّئَاتِ. كَمَا قَالَ: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا) (6: 160) وَكَمَا قَالَ: (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) (4: 40) وَكُلُّ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ فِي مُضَاعَفَةِ الْعَذَابِ فَهُوَ عَلَى الْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ وَسُوءِ الْقُدْوَةِ، إِلَّا آيَةَ الْفَرْقَانِ فَقَدْ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الشِّرْكِ وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ مِنَ الْمَعَاصِي: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) (25: 68، 69) وَلَوِ انْفَرَدَتْ دُونَ سَائِرِ آيَاتِ الْمُضَاعَفَةِ بِحُكْمٍ جَدِيدٍ لَا يَتَعَارَضُ مَعَهَا لَمْ تَكُنْ مُشْكِلَةً، وَلَكِنَّهَا مُعَارَضَةٌ بِهَا وَبِقَاعِدَةِ الْجَزَاءِ عَلَى السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست