responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 348
الصَّابِرِ، أَنَّ الْجُوعَ أَمْرٌ سَلْبِيٌّ، وَلَكِنَّ الصِّيَامَ عَمَلٌ نَفْسِيٌّ يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ، فَهُوَ طَاعَةٌ كَالْأَكْلِ بِالنِّيَّةِ مَعَ الشُّكْرِ.
وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ بِدُونِ إِسْرَافٍ هُمَا قِوَامُ الْحَيَاةِ وَالصِّحَّةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ مِنْ عَقْلِيَّةٍ وَبَدَنِيَّةٍ، وَلَهُمَا التَّأْثِيرُ الْعَظِيمُ فِي جَوْدَةِ النَّسْلِ الَّذِي تَكْثُرُ بِهِ الْأُمَّةُ، وَالْأَطِبَّاءُ يُحْظِرُونَ الزَّوَاجَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمَرْضَى وَيُعِدُّونَ زَوَاجَهُمْ خَطَرًا عَلَى صِحَّتِهِمْ، وَجِنَايَةً عَلَى نَسْلِهِمْ وَعَلَى أُمَّتِهِمْ بِمَا يَكُونُ سَبَبًا لِسُوءِ حَالِ نَسْلِهَا وَالْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَلَّا يَعْمَلَ عَمَلًا إِلَّا بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ، يَقْصِدُ بِحُسْنِ تَغْذِيَةِ بَدَنِهِ بِالطَّيِّبَاتِ كُلَّ مَا يَعْقِلُهُ مِنْ فَوَائِدِهَا، وَيَتَجَنَّبُ مَا نَهَى الله عَنْهُ مِنَ الْإِسْرَافِ فِيهَا وَمِنْ أَكْلِ الْحَرَامِ، فَيَكُونُ عَابِدًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَتَكْثُرُ حَسَنَاتُهُ فِيهِ، فَلَا غَرْوَ إِذْ عُدَّ فِي أَكْلِهِ كَالصَّائِمِ فِيمَا يَنَالُهُ مِنَ الثَّوَابِ، وَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ " أَيْ فِي الْمُلَامَسَةِ الزَّوْجِيَّةِ أَجْرٌ وَثَوَابٌ كَثَوَابِ الصَّدَقَةِ - قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: " أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ " - رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ - وَالْكَافِرُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ هَمٌّ فِي الْغَالِبِ إِلَّا التَّمَتُّعَ بِالشَّهْوَةِ غَيْرُ مُتَحَرٍّ لِلْحَلَالِ وَلَا لِحُسْنِ النِّيَّةِ، وَلِذَلِكَ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ " الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ".
وَاللِّبَاسُ الْجَيِّدُ النَّظِيفُ لَهُ فَوَائِدُ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ مَعْرُوفَةٌ، وَلَهُ تَأْثِيرٌ فِي حِفْظِ كَرَامَةِ الْمُتَجَمِّلِ بِهِ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ، فَإِنَّ الْقُلُوبَ مِنْ وَرَاءِ الْأَعْيُنِ، وَفِيهِ إِظْهَارٌ لِنِعْمَةِ اللهِ بِهِ وَبِالسَّعَةِ فِي الرِّزْقِ الَّذِي لَهُ شَأْنٌ فِي الْقُلُوبِ غَيْرُ شَأْنِ التَّجَمُّلِ فِي نَفْسِهِ، وَالْمُؤْمِنُ يُثَابُ بِنِيَّتِهِ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ مَحْمُودٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَبِالشُّكْرِ عَلَيْهَا. رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ دُونٍ فَقَالَ: " أَلَكَ مَالٌ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " مِنْ أَيِّ الْمَالِ " قَالَ: قَدْ آتَانِي اللهُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ. قَالَ: " فَإِذَا آتَاكَ اللهُ فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ وَكَرَامَتُهُ " وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ " وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ أَتَيْتُ عَلِيًّا فَقَالَ:
ائْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، فَلَبِسْتُ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنْ حُلَلِ الْيَمَنِ، فَأَتَيْتُهُمْ، فَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا هَذِهِ الْحُلَّةِ؟ قُلْتُ مَا تَعِيبُونَ عَلَيَّ؟ لَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الْحُلَلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قَالَ: وَجَّهَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى ابْنِ الْكَوَّاءِ وَأَصْحَابِهِ وَعَلَيَّ قَمِيصٌ رَقِيقٌ وَحُلَّةٌ، فَقَالُوا لِي: أَنْتَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَتَلْبَسُ مِثْلَ هَذِهِ الثَّيَابِ؟ قُلْتُ: أَوَّلُ مَا أُخَاصِمُكُمْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست