responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 320
الْإِتْقَانِ فَجَزُّوا أَمَامَهُ عِنْدَ دُخُولِهِ صُوفَ بَعْضِ أَكْبَاشِ الْغَنَمِ - وَلَمَّا انْتَهَى مِنَ التِّجْوَالِ فِي الْمَعْمَلِ وَمُشَاهَدَةِ أَنْوَاعِ الْعَمَلِ فِيهِ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ قَدَّمُوا لَهُ مِعْطَفًا لِيَلْبَسَهُ تِذْكَارًا لِهَذِهِ الزِّيَارَةِ، وَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ صُنِعَ مِنَ الصُّوفِ الَّذِي جَزُّوهُ أَمَامَهُ عِنْدَ دُخُولِهِ - فَهُمْ قَدْ نَظَّفُوهُ فِي الْآلَاتِ الْمُنَظِّفَةِ فَغَزَلُوهُ بِآلَاتِ الْغَزْلِ فَنَسَجُوهُ بِآلَاتِ النَّسْجِ فَفَصَلُوهُ فَخَاطُوهُ فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ الْقَصِيرَةِ فَانْتَقَلَ فِي سَاعَةٍ أَوْ سَاعَتَيْنِ مِنْ ظَهْرِ الْخَرُوفِ إِلَى ظَهْرِ الْإِمْبِرَاطُورِ.
وَامْتِنَانُهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي آدَمَ بِلِبَاسِ الزِّينَةِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي أَوَائِلِ سُورَةِ الْكَهْفِ: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (18: 7) وَإِنْ فَسَّرَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِحْسَانَ الْعَمَلِ بِتَرْكِ الدُّنْيَا، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ بِالزُّهْدِ فِيهَا. ذَلِكَ بِأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ هُوَ دِينُ الْفِطْرَةِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَاهَا وَيُنَاقِضُ غَرَائِزَهَا، بَلْ هُوَ مُهَذِّبٌ وَمُكَمِّلٌ لَهَا. وَحُبُّ الزِّينَةِ مِنْ أَقْوَى غَرَائِزِ الْبَشَرِ الدَّافِعَةِ لَهُمْ إِلَى إِظْهَارِ سُنَنِ اللهِ فِي الْخَلِيقَةِ وَأَنْوَاعِ نِعَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ كَمَا سَنُفَصِّلُهُ فِي تَفْسِيرِ: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) (7: 32) فِي هَذَا السِّيَاقِ، وَتَحْقِيقُ مَعْنَى كَوْنِهَا ابْتِلَاءً أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَخْتَبِرُ بِهَا طَالِبَهَا مَا يَقْصِدُ مِنْهَا؟ وَوَاجِدَهَا أَيَشْكُرُ الْمُنْعِمَ عَلَيْهِ بِهَا إِذَا اسْتَعْمَلَهَا، وَيَقِفُ عِنْدَ الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ فِيهَا، وَمَاذَا يَقْصِدُ وَيَنْوِي بِتَرْكِ مَا يَتْرُكُهُ مِنْهَا. وَفَاقِدُهَا أَيَصْبِرُ عَلَى
فَقْدِهَا أَمْ يَكُونُ سَاخِطًا عَلَى رَبِّهِ وَحَاسِدًا لِأَهْلِهَا؟
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) فَجُمْهُورُ مُفَسِّرِي السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ اللِّبَاسُ الْمَعْنَوِيُّ الْمَجَازِيُّ. فَعَنِ ابْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ عَيَّنَ التَّقْوَى - أَيِ اللِّبَاسُ الَّذِي هُوَ التَّقْوَى - وَذَكَرَ مِنْ مَعْنَاهُ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ فَقَالَ: يَتَّقِي اللهَ فَيُوَارِي عَوْرَتَهُ - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ تَفْسِيرُهُ بِالْإِسْلَامِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ. قَالَ: الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ خَيْرٌ مِنَ الرِّيشِ وَاللِّبَاسِ وَعَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ الْحَيَاءُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ السَّمْتُ الْحَسَنُ فِي الْوَجْهِ. وَمُرَادُهُ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا عَلَيْهِ النَّفْسُ مِنْ طِيبِ السَّرِيرَةِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ بِمَعْنَى مَا سَبَقَهُ. وَرَوَوْا مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مَا يُؤَيِّدُهُ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ فِي هَذِهِ السَّرَائِرِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا عَمِلَ أَحَدٌ قَطُّ عَمَلًا سِرًّا إِلَّا أَلْبَسَهُ اللهُ رِدَاءَهُ عَلَانِيَةً إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنَّ شَرًّا فَشَرٌّ " ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ. وَفِي أَنَّهُ قَالَ وَرِيَاشًا وَلَمْ يَقُلْ وَرِيشًا، وَفَسَّرَهُ عِكْرِمَةُ وَعَطَاءٌ بِمَا يَلْبَسُ الْمُتَّقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَا: هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَلْبَسُ أَهْلُ الدُّنْيَا، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ اللِّبَاسَ الَّذِي يَكُونُ فِي الْآخِرَةِ جَزَاءً عَلَى التَّقْوَى، ذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ لِبَاسِ أَهْلِ الدُّنْيَا. هَذِهِ أَقْوَالُهُمْ مُلَخَّصَةٌ مِنَ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ، وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ اللِّبَاسِ الْحِسِّيِّ الْحَقِيقِيِّ، فَفِي بَعْضِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَنَّهُ لِبَاسُ الْحَرْبِ: الدِّرْعُ وَالْمِغْفَرُ وَالْآلَاتُ الَّتِي يُتَّقَى

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست