responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 308
كَانَ بَعْدَ الْوَسْوَسَةِ لِآدَمَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ. وَالنِّدَاءُ يُفِيدُ الِاهْتِمَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ، وَالْأَمْرُ بِالسُّكْنَى قِيلَ: لِلْإِبَاحَةِ، وَقِيلَ: لِلْوُجُوبِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَمْرُ تَكْلِيفٍ، يُقَابِلُهُ جَعْلُهُ أَمْرًا تَكْوِينِيًّا قَسْرِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي أَمْرِ إِبْلِيسَ، وَاللَّامُ فِي الْجَنَّةِ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ وَهِيَ الْجَنَّةُ الَّتِي خُلِقَ فِيهَا أَوْ لَدَيْهَا آدَمُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ
(ن) : (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) (68: 17) ؛ لِأَنَّ آدَمَ خُلِقَ مِنَ الْأَرْضِ فِي الْأَرْضِ، وَلَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ آيَاتِ قِصَّتِهِ الْمُكَرِّرَةِ فِي عِدَّةِ سُوَرٍ أَنَّ اللهَ رَفَعَهُ إِلَى الْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ دَارُ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْجَنَّةِ فِي تَفْسِيرِ الْقِصَّةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا جَنَّةُ الْآخِرَةِ.
وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ آدَمَ كَانَ لَهُ زَوْجٌ؛ أَيِ امْرَأَةٌ. وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُ مَا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ أَنَّ اللهَ تَعَالَىأَلْقَى عَلَى آدَمَ سُبَاتًا انْتَزَعَ فِي أَثْنَائِهِ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَخَلَقَ لَهُ مِنْهُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ، وَأَنَّهَا سُمِّيَتِ امْرَأَةً " لِأَنَّهَا مِنِ امْرِئٍ أُخِذَتْ " وَمَا رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ " عَلَى حَدِّ (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ) (21: 37) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: " فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ " أَيْ لَا تُحَاوِلُوا تَقْوِيمَ النِّسَاءِ بِالشِّدَّةِ، وَوَثَنِيُّوا الْهِنْدِ يَزْعُمُونَ أَنَّ لِآدَمَ أُمَّا وَلَهَا فِي مَدِينَتِهِمُ الْمُقَدِّسَةِ (بنارس) قَبْرٌ عَلَيْهِ قُبَّةٌ بِجَانِبِ قُبَّةِ قَبْرِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِأُمِّهِ عِنْدَهُمُ الرَّمْزُ إِلَى الطَّبِيعَةِ. وَالْآيَةُ تُرْشِدُ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَابِعَةٌ لِلرَّجُلِ فِي السُّكْنَى وَالْمَعِيشَةِ بِاقْتِضَاءِ الْفِطْرَةِ، وَهُوَ الْحَقُّ الْوَاقِعُ الَّذِي يُعَدُّ مَا خَالَفَهُ شُذُوذًا.
(فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا) أَيْ فَكُلَا مِنْ ثِمَارِهَا حَيْثُ شِئْتُمَا - وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: (وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا) (2: 35) - وَمِنْ سُنَّةِ الْقُرْآنِ أَنْ يَتَضَمَّنَ التِّكْرَارُ لِلْقَصَصِ فَوَائِدَ فِي كُلٍّ مِنْهَا لَا تُوجَدُ فِي الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) النَّهْيُ عَنْ قُرْبِ الشَّيْءِ أَبْلَغُ مِنَ النَّهْيِ عَنْهُ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي تَفْسِيرِ: (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا) (2: 187) فَهُوَ يَقْتَضِي الْبُعْدَ عَنْ مَوَارِدِ الشُّبُهَاتِ الَّتِي تُغْرِي بِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ وَرَعًا وَاحْتِيَاطًا، " وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ " كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَتَعْرِيفُ الشَّجَرَةِ كَتَعْرِيفِ الْجَنَّةِ، وَهِيَ مُشَارٌ إِلَيْهَا فِي الْآيَةِ بِمَا يُعَيِّنُ شَخْصَهَا، وَلَمْ يُبَيَّنْ فِي الْقُرْآنِ نَوْعُهَا وَلَا وَصْفُهَا، إِلَّا مَا فِي الْآيَةِ التَّالِيَةِ عَنْ إِبْلِيسَ، وَمِثْلُهُ فِي سُورَةِ طه. وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ أَوَّلِ أَسْفَارِ التَّوْرَاةِ مَا نَصُّهُ " 8 وَغَرَسَ الرَّبُّ الْإِلَهُ جَنَّةً مِنْ عَدْنٍ شَرْقًا وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ 9 وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الْإِلَهُ مِنَ الْأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلْأَكْلِ وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ " ثُمَّ قَالَ " 15 وَأَخَذَ الرَّبُّ الْإِلَهُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست