responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 299
الْمُطْلَقُ. وَإِذَا كَانَ الصَّعْقُ الْمُرَادُ هُوَ الْمَوْتُ فَلَا يَظْهَرُ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَجْهٌ، وَكَذَا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْغَشَيَانُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي آيَةِ النَّمْلِ بِالْفَزَعِ وَكَانَتِ النَّفْخَةُ الْمُحْدِثَةُ لَهُ هِيَ الْأُولَى إِذْ يَتْلُوهُ مَوْتُ الْخَلْقِ وَخَرَابُ الدُّنْيَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ. وَظَاهِرُ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ يَوْمَ الْبَعْثِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَبَادِرِ مِنَ الْآيَاتِ كُلِّهَا.
فَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ إِبْلِيسَ لَا يَنْتَهِي إِنْظَارُهُ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ بَلْ يَمُوتُ عَقِبَ النَّفْخَةِ الْأُولَى الَّتِي يَتْلُوهَا خَرَابُ هَذِهِ الْأَرْضِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَاقَّةِ: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) (69: 13، 14) إِلَّا إِذَا قِيلَ إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَوْمَ الْبَعْثِ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى مَا يَشْمَلُ زَمَنَ مُقَدِّمَاتِهِ فَيُسَمَّى كُلُّ ذَلِكَ يَوْمًا، كَمَا يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى زَمَنِ الْمُقَدِّمَاتِ وَحْدَهَا وَتَارَةً عَلَى زَمَنِ الْغَايَةِ وَحْدَهَا؛ إِذْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ الزَّمَنُ الَّذِي يَتَمَيَّزُ بِعَمَلٍ مُعَيَّنٍ فِيهِ كَأَيَّامِ الْعَرَبِ الْمَعْرُوفَةِ. وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ آنِفًا مِنْ سُورَةِ الْحَاقَّةِ: (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) (69: 15) الْآيَاتِ. وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا النَّاطِقُ بِأَنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَجِدُ
مُوسَى آخِذًا بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ قَالَ " فَلَا أَدْرِي أَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى الله عَزَّ وَجَلَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ غَشَيَانٌ يَقَعُ بَعْدَ الْبَعْثِ فِي مَوْقِفِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُمَّ صَعْقُ النَّفْخَةِ الْأُولَى الْأَحْيَاءَ وَالْأَمْوَاتَ إِلَّا مَنِ اسْتُثْنِيَ، وَإِلَّا كَانَ مُشْكِلًا يَحْتَاجُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُعَارِضُهُ مِمَّا عَلِمْتَ بَعْضَهُ، وَلَيْسَ هَذَا الْمَقَامُ بِالَّذِي يَتَّسِعُ لِتَحْقِيقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الْمُفَسِّرُونَ وَلَا سِيَّمَا عُلَمَاءُ الْكَلَامِ مِنْهُمْ هَذَا الْإِنْظَارَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ وَالْإِغْوَاءِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ حِكْمَتِهِ بَعْدَ انْتِهَاءِ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ.
(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) الْإِغْوَاءُ: الْإِيقَاعُ فِي الْغِوَايَةِ وَهِيَ ضِدُّ الرَّشَادِ؛ لِأَنَّهَا فِي أَصْلِ اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْفَسَادِ الْمُرْدِي مِنْ قَوْلِهِمْ غَوَى الْفَصِيلُ - كَهَوَى وَرَمَى، وَغَوِيَ كَهَوِيَ وَرَضِيَ - إِذَا فَسَدَ جَوْفُهُ مِنْ كَثْرَةِ اللَّبَنِ فَهَزَلَ وَكَادَ يَهْلَكُ. وَصِرَاطُ اللهِ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي يَصِلُ سَالِكُهُ إِلَى السَّعَادَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا سُبْحَانَهُ لِمَنْ تَتَزَكَّى نَفْسُهُ بِهِدَايَةِ الدِّينِ الْحَقِّ وَتَكْمِيلِ الْفِطْرَةِ، وَالْفَاءُ لِتَرْتِيبِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الَّتِي تَلِيهَا عَلَى مَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا، وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوِ الْقَسَمِ وَالْمَعْنَى فَبِسَبَبِ إِغْوَائِكَ إِيَّايَ مِنْ أَجْلِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ أُقْسِمُ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ عَلَى صِرَاطِكَ الْمُسْتَقِيمِ أَوْ فِيهِ أَوْ لَأَلْزَمَنَّهُ فَأَصُدُّهُمْ عَنْهُ وَأَقْطَعُهُ عَلَيْهِمْ بِأَنْ أُزَيِّنَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست