responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 298
مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ أَرَادَ إِبْلِيسُ أَلَّا يَذُوقَ الْمَوْتَ فَقِيلَ لَهُ " إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ " قَالَ: النَّفْخَةُ الْأُولَى، وَبَيْنَ النَّفْخَةِ وَالنَّفْخَةِ أَرْبَعُونَ سَنَةً. وَأُخْرِجَ الْأَوَّلُ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: فَلَمْ يُنْظِرْهُ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، وَلَكِنْ أَنْظَرَهُ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، وَالنَّفْخَةُ الْأُولَى فِي الصُّورِ هِيَ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا جَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَالثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي بِهَا يُبْعَثُونَ وَلَيْسَ بَعْدَهَا مَوْتٌ. وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ أَرَادَ أَلَّا يَذُوقَ الْمَوْتَ، وَهَذِهِ النَّفْخَةُ تُسَمَّى نَفْخَةَ الْفَزَعِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّمْلِ: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ) (27: 87) وَنَفْخَةُ الصَّعْقِ لِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) (39: 68) وَلِاخْتِلَافِ الْوَصْفَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ: إِنَّ النَّفَخَاتِ ثَلَاثٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: أَرْبَعٌ. وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ أَنَّهُمَا ثِنْتَانِ: وَهُمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) (79: 6، 7) فَهُمْ يَفْزَعُونَ فَيُصْعَقُونَ، أَيْ يَمُوتُونَ بِالْأُولَى وَهِيَ الرَّاجِفَةُ وَيُبْعَثُونَ بِالثَّانِيَةِ الَّتِي تَرْدُفُهَا وَتَتْبَعُهَا. وَأَصْلُ الصَّعْقِ تَأْثِيرُ الصَّاعِقَةِ فِيمَنْ تُصِيبُهُ مِنْ إِغْمَاءٍ وَغَشَيَانٍ أَوْ مَوْتٍ هُوَ الْغَالِبُ ثُمَّ صَارَ يُطْلَقُ عَلَى الْغَشَيَانِ مِنْ كُلِّ صَوْتٍ شَدِيدٍ وَعَلَى الْمَوْتِ مِنْهُ كَمَا فَسَّرَهُ الْفَيُّومِيُّ فِي الْمِصْبَاحِ.
وَفِيمَنِ اسْتَثْنَى اللهُ تَعَالَى مِنَ الْفَزَعِ وَالصَّعْقِ عَشَرَةُ أَقْوَالٍ عَلَى مَا اسْتَقْصَاهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللهُ. وَمَا مِنْ قَوْلٍ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ إِلَّا
وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَهَذَا أَمْرٌ غَيْبِيٌّ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي قَوْلٍ مِنْهَا حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَلَكِنْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ جِبْرِيلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ. مَنِ الَّذِينَ لَمْ يَشَأِ اللهُ أَنْ يُصْعَقُوا؟ قَالَ: " هُمْ شُهَدَاءُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " قَالَ الْحَافِظُ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَجَّحَهُ الطَّبَرَيُّ اهـ. وَلَكِنَّ الْحَافِظَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا قَوْلًا مُسْتَقِلًّا بَلْ أَدْمَجَهُ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهُمُ الْأَنْبِيَاءُ. أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِشُهَدَاءِ اللهِ حُجَجُهُ عَلَى خَلْقِهِ بِحُسْنِ سِيرَتِهِمْ وَاسْتِقَامَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا إِذْ يَشْهَدُونَ فِي الْآخِرَةِ بِضَلَالِ كُلِّ مَنْ كَانَ مُخَالِفًا لِهَدْيِهِمْ وَسُنَّتِهِمُ فِي اتِّبَاعِ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَالْأَنْبِيَاءُ فِي مُقَدِّمَتِهِمْ قَطْعًا، فَكُلُّ نَبِيٍّ يَشْهَدُ عَلَى قَوْمِهِ كَمَا قَالَ: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) (4: 41) وَهَؤُلَاءِ الشُّهَدَاءُ لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْهُمْ، يَقِلُّونَ تَارَةً وَيَكْثُرُونَ أُخْرَى، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا قَوْلًا مُسْتَقِلًّا فَإِنَّ الشُّهَدَاءَ أَعَمُّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَمِنَ الصِّدِّيقِينَ، فَكُلُّ نَبِيٍّ شَهِيدٌ وَكُلُّ صَدِّيقٍ شَهِيدٌ، وَمِنَ الشُّهَدَاءِ مَنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ وَلَا صَدِّيقٍ، وَلَكِنَّ كُلَّ شَهِيدٍ صَالِحٌ وَمَا كُلُّ صَالِحٍ بِشَهِيدٍ، فَبَيْنَ طَبَقَاتِ (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيَّيْنِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) (4: 69) الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست