responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 285
أَنْدَادِهِمْ: (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ 2: 165) - وَهُوَ يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ حُبِّهِمْ لِلَّهِ - وَيَتَصَدَّقُونَ وَيَصِلُونَ الْأَرْحَامَ وَيَفْعَلُونَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَيَمْتَنِعُونَ عَنِ الْفَوَاحِشِ خَوْفًا مِنَ اللهِ. فَهَلْ يُسَوِّي الْحَكَمُ الْعَدْلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُرْتَكِبِي الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ وَالْجِنَايَاتِ مِنَ الْكُفَّارِ وَلَا سِيَّمَا الْجَاحِدِينَ الْمُعَطِّلِينَ وَمُكَذِّبِي الرُّسُلِ مِنْهُمْ؟ حَاشَ لِلَّهِ. نَعَمْ صَحَّ الْحَدِيثُ عَنْ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُمْ يُجَازَوْنَ عَلَى حَسَنَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ وَزْنَهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَلَّا يَكُونَ لَهَا مَعَ الْكُفْرِ وَالسَّيِّئَاتِ دَخْلٌ فِي رُجْحَانِ مَوَازِينِهِمْ.
وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْوَزْنِ وَالْمَوَازِينِ، هَلْ هِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الْعَدْلِ التَّامِّ فِي تَقْدِيرِ مَا بِهِ يَكُونُ الْجَزَاءُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَتَأْثِيرِهَا فِي إِصْلَاحِ الْأَنْفُسِ وَتَزْكِيَّتِهَا، وَفِي إِفْسَادِهَا وَتَدْسِيَّتِهَا، أَمْ هُنَاكَ وَزْنٌ حَقِيقِيٌّ، حِكْمَتُهُ إِظْهَارُ عِلْمِ اللهِ تَعَالَى بِأَعْمَالِ الْعِبَادِ وَعَدْلِهِ فِي جَزَائِهِمْ عَلَيْهَا؟ ذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ مُجَاهِدٌ مِنْ مُفَسِّرِي السَّلَفِ - وَكَذَا الْأَعْمَشُ وَالضَّحَّاكُ حَكَاهُ الرَّازِيُّ عَنْهُمَا - وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ قَالَ مُجَاهِدٌ فِي الْآيَةِ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ) قَالَ: الْعَدْلُ (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) قَالَ حَسَنَاتُهُ. (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) قَالَ سَيِّئَاتُهُ اهـ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ نَحْوَهُ عَنْهُ وَسَيَأْتِي فِيمَا لَخَّصَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى الثَّانِي، بَلْ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ - كَمَا نَقَلَ الْحَافِظُ عَنْهُ - أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْمِيزَانِ، وَأَنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُوزَنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ الْمِيزَانَ لَهُ لِسَانٌ وَكِفَّتَانِ وَيَمِيلُ بِالْأَعْمَالِ. وَأَنْكَرَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْمِيزَانَ وَقَالُوا هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْعَدْلِ فَخَالَفُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ لِأَنَّ اللهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَضَعُ الْمُوَازِينَ لِوَزْنِ الْأَعْمَالِ لِيَرَى الْعِبَادُ أَعْمَالَهُمْ مُمَثَّلَةً لِيَكُونُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ شَاهِدِينَ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: أَنْكَرَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْمِيزَانَ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَعْرَاضَ يَسْتَحِيلُ وَزْنُهَا إِذْ لَا تَقُومُ بِأَنْفُسِهَا. قَالَ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقْلِبُ الْأَعْرَاضَ أَجْسَامًا فَيَزِنُهَا. انْتَهَى.
نَقَلَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ آخَرِ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ (بَابُ قَوْلِ اللهِ: (وَنَضَعُ الْمُوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) (21: 47) وَأَنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ وَقَوْلَهُمْ تُوزَنُ) وَقَفَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلَى أَنَّ الْمِيزَانَ بِمَعْنَى الْعَدْلِ وَالْقَضَاءِ فَأَسْنَدَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) قَالَ: إِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ، كَمَا يَجُوزُ وَزْنُ الْأَعْمَالِ كَذَلِكَ يَجُوزُ الْحَطُّ وَمِنْ طَرِيقِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الْمَوَازِينُ الْعَدْلُ. وَالرَّاجِحُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالِكَائِيُّ فِي السُّنَّةِ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: يُوضَعُ الْمِيزَانُ وَلَهُ كِفَّتَانِ لَوْ وُضِعَ فِي إِحْدَاهُمَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ
وَمَنْ فِيهِنَّ لَوَسِعَتْهُ - وَمِنْ طَرِيقِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست