responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 276
الْمُفَسِّرِينَ: مَعْنَاهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ الْقَرْيَةُ هَاهُنَا الْقَوْمُ أَنْفُسُهُمْ. اهـ. أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ مُضَافٍ، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ بِالتَّقْدِيرِ يَرَوْنَ أَنَّهُ
لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ هُنَا لِأَنَّ الْقَرْيَةَ تَهْلَكُ كَمَا يَهْلَكُ أَهْلُهَا، وَلَكِنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ الْمُضَافَ فِي قَوْلِهِ: (فَجَاءَهَا بَأْسُنَا) فَيَقُولُونَ: جَاءَ أَهْلَهَا بَأْسُنَا - بِدَلِيلِ وَصْفِهِمْ بِالْبَيَاتِ وَالْقَيْلُولَةِ، وَالْمَدِينَةُ لَا تَبِيتُ وَلَا تَقِيلُ، وَالْبَيَاتُ: الْإِغَارَةُ عَلَى الْعَدُوِّ لَيْلًا وَالْإِيقَاعُ بِهِ فِيهِ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْهُ فَهُوَ اسْمٌ لِلتَّبْيِيتِ، وَهُوَ يَشْمَلُ مَا يُدَبِّرُهُ الْمَرْءُ أَوْ يَنْوِيهِ لَيْلًا، وَمِنْهُ تَبْيِتُ نِيَّةِ الصِّيَامِ. وَقِيلَ: يَأْتِي مَصْدَرًا لِبَاتَ يَبِيتُ إِذَا أَدْرَكَهُ اللَّيْلُ. وَالْبَأْسُ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ وَالْعَذَابُ الشَّدِيدُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَالْقَائِلُونَ: هُمُ الَّذِينَ يَقِيلُونَ، أَيْ يَنَامُونَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَسَطَ النَّهَارِ، وَقِيلَ: يَسْتَرِيحُونَ وَإِنْ لَمْ يَنَامُوا، يُقَالُ: قَالَ يَقِيلُ قَيْلًا وَقَيْلُولَةً.
وَالْمَعْنَى: وَكَثِيرًا مِنَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهَا لِعِصْيَانِ رُسُلِهَا فِيمَا جَاءُوهَا بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهَا، فَكَانَ هَلَاكُهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ، بِأَنْ جَاءَ بَعْضَهُمْ بَأْسُنَا حَالَ كَوْنِهِمْ مُبَيِّتِينَ أَوْ بَائِتِينَ لَيْلًا كَقَوْمِ لُوطٍ، وَجَاءَ بَعْضَهُمْ وَهُمْ قَائِلُونَ آمِنُونَ نَهَارًا كَقَوْمِ شُعَيْبٍ. وَالْوَقْتَانِ وَقْتَا دَعَةٍ وَاسْتِرَاحَةٍ، فَفِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَأْمَنَ صَفْوَ اللَّيَالِي وَلَا مُوَاتَاةَ الْأَيَّامِ، وَلَا يَغْتَرَّ بِالرَّخَاءِ فَيُعِدَّهُ آيَةً عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ لَهُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الدَّوَامِ، وَقَدْ يُعْذَرُ بِالْغَفْلَةِ قَبْلَ مَجِيءِ النَّذِيرِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا عُذْرَ وَلَا عَذِيرَ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِغُرُورِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ بِقُوَّتِهِمْ وَثَرْوَتِهِمْ وَعِزَّةِ عَصَبِيَّتِهِمْ، وَبِمَا كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهَا آيَةُ رِضَى اللهِ عَنْهُمْ (وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (34: 35) وَلَيْسَ أَمْرُهُمْ بِأَعْجَبَ مِنَ الْأَقْوَامِ الَّتِي عَرَفَتْ هِدَايَةَ الْقُرْآنِ، أَوْ سُنَنَ اللهِ فِي نَوْعِ الْإِنْسَانِ، ثُمَّ هِيَ تَغْتَرُّ بِمَا هِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى الْهَلَاكِ، وَلَا تَرْجِعُ عَنْ غَيِّهَا حَتَّى يَأْتِيَهَا الْعَذَابُ.
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ الْآيَةِ مَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ، إِذْ ظَنُّوا أَنَّ عَطْفَ " جَاءَهَا " عَلَى " أَهْلَكْنَا " بِالْفَاءِ يُفِيدُ أَنَّ مَجِيءَ الْبَأْسِ وَقَعَ عَقِبَ الْإِهْلَاكِ وَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ، غَافِلِينَ عَنْ كَوْنِهِ بَيَانًا تَفْصِيلِيًّا لِنَوْعَيْنِ مِنْهُ، أَحَدُهُمَا لَيْلِيُّ وَالْآخَرُ نَهَارِيٌّ كَمَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا، وَتَفَصَّى بَعْضُهُمْ كَالزَّمَخْشَرِيِّ مِنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِهْلَاكِ إِرَادَتُهُ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ) (5: 6) إِذَا أَرَدْتُمُ الْقِيَامَ إِلَيْهَا.
وَفِي الْآيَةِ مِنْ مَبَاحِثِ اللُّغَةِ وَالْبَلَاغَةِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: (أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) جُمْلَةٌ
حَالِيَّةٌ حُذِفَ مِنْهَا وَاوُ الْحَالِ لِاسْتِثْقَالِ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَاوِ الْعَطْفِ وَالْأَصْلُ: أَوْ هُمْ قَائِلُونَ. وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِنُكْتَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَالِ الْمُفْرَدَةِ وَجُمْلَةِ الْحَالِ هُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ الْإِفْرَادِ، لَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا) (4: 43) حَيْثُ انْفَرَدْنَا بِبَيَانِ فَرْقٍ وَجِيهٍ بَيْنَ الْحَالَيْنِ هُنَالِكَ يَقْتَضِيهِ الْمَعْنَى وَيَنْطَبِقُ عَلَى مَا حَقَّقَهُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست