responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 262
(المص) هَذِهِ حُرُوفٌ مُرَكَّبَةٌ فِي الرَّسْمِ بِشَكْلِ كَلِمَةٍ ذَاتِ أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ وَلَكِنَّهَا تُقْرَأُ بِأَسْمَاءِ هَذِهِ الْأَحْرُفِ سَاكِنَةً هَكَذَا: أَلِفْ، لَامْ، مِيمْ، صَادْ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنَّ حِكْمَةَ افْتِتَاحِ هَذِهِ السُّورَةِ وَأَمْثَالِهَا بِأَسْمَاءِ حُرُوفٍ لَيْسَ لَهَا مَعْنًى مَفْهُومٌ غَيْرُ مُسَمَّى تِلْكَ الْحُرُوفِ الَّتِي يَتَرَكَّبُ مِنْهَا الْكَلَامُ هِيَ تَنْبِيهُ السَّامِعِ إِلَى مَا سَيُلْقَى إِلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الصَّوْتِ مِنَ الْكَلَامِ حَتَّى لَا يَفُوتَهُ مِنْهُ شَيْءٌ. فَهِيَ كَأَدَاةِ الِافْتِتَاحِ " أَلَا " وَ " هَاءِ " التَّنْبِيهِ. وَإِنَّمَا خُصَّتْ سُوَرٌ مُعَيَّنَةٌ مِنَ الطُّوَلِ وَالْمِئِينَ الْمَثَانِي وَالْمُفَصَّلِ بِهَذَا الضَّرْبِ مِنَ الِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتْلُوهَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ لِدَعْوَتِهِمْ بِهَا إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِثْبَاتِ الْوَحْيِ وَالنُّبُوَّةِ، وَكُلُّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ - وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ فِيهِمَا مُوَجَّهَةً إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ - وَكُلُّهَا مُفْتَتَحَةٌ بِذِكْرِ الْكِتَابِ إِلَّا سُورَةَ مَرْيَمَ وَسُورَتَيِ
الْعَنْكَبُوتِ وَالرُّومِ وَسُورَةَ (ن) . وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنًى مِمَّا فِي هَذِهِ السُّوَرِ يَتَعَلَّقُ بِإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ.
فَأَمَّا سُورَةُ مَرْيَمَ فَقَدْ فُصِّلَتْ فِيهَا قِصَّتُهَا بَعْدَ قِصَّةِ يَحْيَى وَزَكَرِيَّا الْمُشَابِهَةِ لَهَا. وَيَتْلُوهُمَا ذِكْرُ رِسَالَةِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ مَبْدُوءًا كُلٌّ مِنْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ) وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الْقُرْآنُ. فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي كُلٍّ مِنْ قِصَّةِ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَقِصَّةِ مَرْيَمَ وَعِيسَى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ) وَذِكْرُ هَذِهِ الْقِصَصِ فِي الْقُرْآنِ مِنْ دَلَائِلِ كَوْنِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ هَذَا لَا هُوَ وَلَا قَوْمُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي سُورَةِ هُودٍ بَعْدَ تَفْصِيلِ قِصَّةِ نُوحٍ مَعَ قَوْمِهِ بِقَوْلِهِ: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (11: 49) وَكَمَا قَالَ فِي آخِرِ سُورَةِ يُوسُفَ بَعْدَ سَرْدِ قِصَّتِهِ مَعَ إِخْوَتِهِ: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) (12: 102) وَخُتِمَتْ هَذِهِ السُّورَةُ " أَيْ سُورَةُ مَرْيَمَ " بِإِبْطَالِ الشِّرْكِ وَإِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ وَنَفْيِ اتِّخَاذِ اللهِ تَعَالَى لِلْوَلَدِ، وَتَقْرِيرِ عَقِيدَةِ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ. فَهِيَ بِمَعْنَى سَائِرِ السُّوَرِ الَّتِي كَانَتْ تُتْلَى لِلدَّعْوَةِ وَيُقْصَدُ بِهَا إِثْبَاتُ التَّوْحِيدِ وَالْبَعْثِ وَرِسَالَةِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَصِدْقِ كِتَابِهِ الْحَكِيمِ.
وَأَمَّا سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ وَسُورَةُ الرُّومِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدِ افْتُتِحَتْ بَعْدَ (الم) بِذِكْرِ أَمْرٍ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالدَّعْوَةِ. فَالْأَوَّلُ الْفِتْنَةُ فِي الدِّينِ، وَهِيَ إِيذَاءُ الْأَقْوِيَاءِ لِلضُّعَفَاءِ وَاضْطِهَادُهُمْ لِأَجْلِ إِرْجَاعِهِمْ عَنْ دِينِهِمْ بِالْقُوَّةِ الظَّاهِرَةِ. كَانَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يُطْفِئُونَ نُورَ الْإِسْلَامِ وَيُبْطِلُونَ دَعْوَتَهُ بِفِتْنَتِهِمْ لِلسَّابِقِينَ إِلَيْهِ وَأَكْثَرُهُمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست