responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 226
وَلَكِنْ تَابَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ ; إِذْ ظَنُّوا أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا فِي الدُّعَاءِ لِلْمَوْتَى وَالْإِذْنِ لِلْأَوْلَادِ بِأَنْ يَقْضُوا مَا عَلَى وَالِدَيْهِمْ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ - تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاعِ الْمَوْتَى بِعِبَادَاتِ الْأَحْيَاءِ مُطْلَقًا، غَافِلِينَ عَنْ حَصْرِ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ فِي الْأَوْلَادِ الَّذِينَ خَصَّ الشَّارِعُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ بِذَلِكَ فِي الْوَقَائِعِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا. وَحَدِيثُ " صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ " يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالْوَلِيِّ مِنْهُ الْوَلَدُ لِيُوَافِقَهَا مَعَ سَائِرِ الْآيَاتِ ; إِذْ لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهَا كُلِّهَا وَهِيَ مِنَ الْأُصُولِ الصَّرِيحَةِ الْقَطْعِيَّةِ لِأَجْلِ حَمْلِهِ عَلَى عُمُومِ الْأَوْلِيَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ الرَّاوِيَةَ لَهُ كَانَتْ تُصَرِّحُ بِعَدَمِ جَوَازِ صِيَامِ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ عَمَلًا بِالنُّصُوصِ الْعَامَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ قَالَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَثَرِ: إِنَّهُ مَنْسُوخٌ. وَمَا قُلْنَاهُ أَوْلَى لِجَمْعِهِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَمُوَافَقَتِهِ لِلْآيَاتِ وَلِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِي هُوَ حُجَّةُ مَالِكٍ. وَهُوَ هُنَا مُؤَيِّدٌ لِعَمَلِ الصَّحَابَةِ عُمُومًا وَخُصُوصًا لَا حُجَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. وَقَدْ سَقَطَ بِهَذَا الْجَمْعِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِطْلَاقِ الْجَوَازِ مِنَ الْأَقْوَالِ.
وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِأَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَحْيَائِهِمْ فَهُوَ عِبَادَةٌ لَا يَنْتَقِلُ ثَوَابُهَا مِنَ الدَّاعِي إِلَى الْمَدْعُوِّ لَهُ وَلَمْ يُرْوَ فِي إِهْدَاءِ ثَوَابِ الدُّعَاءِ شَيْءٌ بَلْ ثَوَابُهُ لِلدَّاعِي وَحْدَهُ سَوَاءٌ اسْتَجَابَهُ اللهُ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُ الْمَدْعُوُّ لَهُ بِالِاسْتِجَابَةِ، وَاسْتِجَابَةُ الدُّعَاءِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ بِمَا يَنْقُضُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ، وَلَا بِمَا يُبْطِلُ سُنَنَ اللهِ تَعَالَى فِي الْكَوْنِ فَنُفَوِّضُ الْأَمْرَ فِي صِفَتِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَنَكْتَفِي مِنَ الْعِلْمِ بِفَائِدَةِ الدُّعَاءِ لِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ عِبَادَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَحَابِّ الْمُؤْمِنِينَ وَتَكَافُلِهِمْ وَاهْتِمَامِهِمْ بِأَمْرِ سَعَادَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَمَا عَدَا الدُّعَاءَ مِنَ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّمَا وَرَدَ الْإِذْنُ فِيهِ لِلْأَوْلَادِ، وَوَلَدُ الْمَرْءِ مِنْ عَمَلِهِ فَانْتِفَاعُهُ بِعَمَلِهِ يَدْخُلُ فِي الْقَاعِدَةِ لَا أَنَّهُ يُعَارِضُهَا. وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ عَامًّا لَكَثُرَ عَمَلُ الصَّحَابَةِ بِهِ، وَرُوِيَ مُسْتَفِيضًا أَوْ مُتَوَاتِرًا عَنْهُمْ لِتَوَافُرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ ; فَإِنَّ مِنْ دَأْبِ الْبَشَرِ وَطِبَاعِهِمُ
الرَّاسِخَةِ الِاهْتِمَامَ بِكُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ مَوْتَاهُمْ. وَقَدْ نَقَلَ الرُّوَاةُ مِنَ التَّابِعِينَ كُلَّ مَا رَأَوْهُ وَعَلِمُوا بِهِ مِنْ أَعْمَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
كَتَبْتُ هَذَا لِأَنَّنِي بَعْدَ كِتَابَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَطَبْعِهِ رَاجَعْتُ مَا كَتَبَهُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الرُّوحِ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ أَطْنَبَ فِيهَا وَأَطَالَ كَعَادَتِهِ بِمَا لَمْ يُطِلْ بِهِ غَيْرُهُ وَلَا قَارَبَ، وَأَوْرَدَ كُلَّ مَا قِيلَ وَمَا تَصَوَّرَ أَنْ يُقَالَ فِي إِثْبَاتِ وُصُولِ ثَوَابِ أَعْمَالِ الْأَحْيَاءِ إِلَى الْأَمْوَاتِ مُطْلَقًا، وَنَفْيِهِ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِمَا تَسَبَّبَ إِلَيْهِ الْمَيِّتُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بِالْعِبَادَاتِ الَّتِي تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ كَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ دُونَ غَيْرِهَا كَالتِّلَاوَةِ وَالصَّلَاةِ وَكَذَا مَا وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ مِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ - وَذَكَرَ حُجَجَ كُلِّ فَرِيقٍ وَرَدَّ الْمُخَالِفِينَ عَلَيْهَا، وَأَكْثَرُهَا نَظَرِيَّاتٌ بَاطِلَةٌ وَلَكِنَّهُ عَلَى سَعَةِ اطِّلَاعِهِ وَدِقَّةِ فَهْمِهِ قَدْ غَفَلَ عَنْ كَوْنِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي جَعَلَهَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست