responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 204
وَلَوْ حَذَا الْمِصْرِيُّونَ حَذْوَهُمْ بِتَرْكِ شِرَاءِ الْجَدِيدِ وَلَوْ مَعَ اسْتِبْقَاءِ التَّلِيدِ لَكَانَ ذَلِكَ أَقَرَبَ وَسِيلَةٍ إِلَى نَيْلِ الِاسْتِقْلَالِ وَالْحُرِّيَّةِ مِنْ خُطَبِ الزَّعِيمِ سَعْدٍ بَاشَا الْبَلِيغَةِ وَمُفَاوَضَاتِ الْوَزِيرِ عَدْلِي بَاشَا الرَّسْمِيَّةِ.
وَمِنْ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى وَحُجَجَهِ أَيْضًا أَنْ سَخَّرَ الدَّوْلَةَ الرُّوسِيَّةَ الْجَدِيدَةَ لِمُظَاهَرَةِ التُّرْكِ وَشَدِّ أَزْرِهِمْ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّوْلَةُ عَلَى عَهْدِ الْقَيَاصِرَةِ هِيَ الْخَطَرَ الْأَكْبَرَ عَلَى السَّلْطَنَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ بِظُهُورِهَا عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ حُرُوبٍ، بَلِ انْبَرَتْ حُكُومَةُ (السُّوفْيَاتِ) الرُّوسِيَّةُ الْجَدِيدَةُ لِبَثِّ الدَّعْوَةِ فِي الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ كُلِّهِ وَسَائِرِ شُعُوبِ الشَّرْقِ الْمُسْتَعْبَدَةِ لِلْأَجَانِبِ بِأَنْ يَهُبُّوا لِطَلَبِ الْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِقْلَالِ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ الثَّوْرَةِ فِي الْهِنْدِ - وَجَعَلَ الْإِمَارَةَ الْأَفْغَانِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ مَقْهُورَةً مَحْصُورَةً بَيْنَ الْبِرِيطَانِيِّينَ فِي الْهِنْدِ وَبَيْنَ الرُّوسِ دَوْلَةً مُسْتَقِلَّةً ذَاتَ سُفَرَاءَ لَدَى الدُّوَلِ الْأُورُبِّيَّةِ وَغَيْرِهَا - وَنَجَّى الدَّوْلَةَ الْإِيرَانِيَّةَ مِنْ شَرِّ تِلْكَ الْمُعَاهَدَةِ الَّتِي عَقَدَتْهَا مَعَ
انْكِلْتِرَةَ فِي أَثْنَاءِ الْحَرْبِ فَكَانَتْ قَاضِيَةً عَلَى اسْتِقْلَالِهَا بِسُوءِ اخْتِيَارِ مَرْضَى الْقُلُوبِ مِنْ رِجَالِهَا. بَلْ فَعَلَتْ دَوْلَةُ السُّوفْيَاتِ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا، عَقَدَتْ مُعَاهَدَاتٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدُّوَلِ الْإِسْلَامِيَّةِ الثَّلَاثِ: التُّرْكِ، وَالْفُرْسِ، وَالْأَفْغَانِ. اعْتَرَفَتْ فِيهَا بِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُنَّ، وَأَرْجَعَتْ إِلَيْهِنَّ مَا كَانَتْ دَوْلَةُ الْقَيَاصِرَةِ قَبْلَهَا قَدْ سَلَبَتْهُنَّ، وَأَسْقَطَتْ لِلْمَدِينَاتِ مِنْهُنَّ لِلرُّوسِيَّةِ مَا كَانَ لَهَا مِنَ الدَّيْنِ عَلَيْهِنَّ، وَسَمَحَتْ لِلدَّوْلَةِ الْإِيرَانِيَّةِ بِمَا لَهَا فِي بِلَادِهَا مِنْ سِكَكِ الْحَدِيدِ؛ فَلِذَا كَانَ الْعَالَمُ الْإِسْلَامِيُّ مَعَ الشُّعُوبِ الشَّرْقِيَّةِ كُلِّهَا رَاضِيًا عَنْ حُكُومَةِ الرُّوسِ الْجَدِيدَةِ شَاكِرًا لَهَا مُثْنِيًا عَلَيْهَا، لَا يُثْنِيهِ عَنْ ذَلِكَ مَا أَصَابَ الْبِلَادَ الرُّوسِيَّةَ نَفْسَهَا مِنَ الْمَصَائِبِ بِتَنْفِيذِ نَظَرِيَّاتِ الِاشْتِرَاكِيَّةِ الشُّيُوعِيَّةِ فِيهَا، وَلَا مَا بَثَّتْهُ الدَّوْلَةُ الْبِرِيطَانِيَّةُ فِي الْعَالَمِ مِنْ ذَمِّ هَذِهِ الْحُكُومَةِ وَالتَّشْنِيعِ عَلَيْهَا وَالتَّنْفِيرِ عَنْهَا، بَلْ كَانَ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ الزِّيَادَةِ فِي الْعَطْفِ عَلَيْهَا وَالشُّكْرِ لَهَا وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَبْعَدَ الشُّعُوبِ عَنِ الْبَلْشَفِيَّةِ وَمَذَاهِبِهَا.
فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الشُّعُوبُ عَلَى الِاهْتِدَاءِ بِآيَاتِ رَبِّهَا، وَمُرَاعَاةِ سُنَنِهِ فِي التَّعَاوُنِ الْمُمْكِنِ عَلَى دَفْعِ الْعُدْوَانِ عَنْهَا وَطَلَبِ الْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِقْلَالِ الْمُطْلَقِ لِكُلٍّ مِنْهَا، عَلَى أَنْ تَكُونَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَحَالِفَةً مُتَكَافِلَةً فِي سِيَاسَتِهَا، فَهِيَ بَالِغَةٌ بِتَوْفِيقِ اللهِ مُنْتَهَى مَا تُؤَمِّلُ وَتَرْجُو، وَإِنَّمَا الْخِزْيُ وَالسُّوءُ عَلَى الْمُغْتَرِّينَ بِإِغْوَاءِ عَدُوِّ اللهِ الْيَائِسِينَ مِنْ رَوْحِ اللهِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ آيَاتِ اللهِ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) (18: 57) .

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست