responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 185
وَالِاخْتِيَارِ، بِالتَّمَكُّنِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَعَمَلِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَإِنَّمَا الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا التَّكْلِيفِ. وَالْبَعْضُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ قَدْ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْأَفْرَادُ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ قُبَيْلَ خُرُوجِ الرُّوحِ وَهِيَ الْقِيَامَةُ الصُّغْرَى، وَلَا تَرَاهَا الْأُمَمُ كُلُّهَا إِلَّا قُبَيْلَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى، فَإِنَّ لَهَا آيَاتٍ كَآيَاتِ الْمَوْتِ بَعْضُهَا ظَنِّيٌّ وَبَعْضُهَا قَطْعِيٌّ، يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُصُولُ الْإِيمَانِ الْقَهْرِيِّ وَفِي الْآيَةِ مِنَ الْإِيجَازِ الْبَلِيغِ مَا تَرَى، فَإِنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ كَلِمَةِ (نَفْسًا) الدَّالَّةِ عَلَى الشُّمُولِ لِكَوْنِهَا نَكِرَةً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَبَيْنَ صِفَتِهَا هِيَ جُمْلَةُ (لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ) إِلَخْ بِالْفَاعِلِ وَهُوَ (إِيمَانُهَا) وَعَطْفَ جُمْلَةِ (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) عَلَيْهَا قَدْ أَغْنَى عَنِ التَّصْرِيحِ بِمَا بَسَطْنَا بِهِ الْمَعْنَى آنِفًا.
وَقَدْ رُوِيَ فِي أَحَادِيثَ مِنْهَا الصَّحِيحُ السَّنَدِ وَالضَّعِيفُ الَّذِي لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَحْدَهُ، بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي أُبْهِمَتْ وَأُضِيفَتْ إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى لِتَعْظِيمِ شَأْنِهَا وَتَهْوِيلِهِ، هِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا قُبَيْلَ تِلْكَ الْقَارِعَةِ الصَّاخَّةِ الَّتِي تَرُجُّ
الْأَرْضَ رَجًّا، وَتَبُسُّ الْجِبَالَ بَسًّا. فَتَكُونُ هَبَاءً مُنْبَثًّا، وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ، وَبَطَلَ هَذَا النِّظَامُ الشَّمْسِيُّ وَقَدْ كَانَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا بَعِيدًا عَنِ الْمَأْلُوفِ الْمَعْقُولِ، وَلَا سِيَّمَا مَعْقُولُ مَنْ كَانُوا يَقُولُونَ بِمَا تَقُولُ فَلَاسِفَةُ الْيُونَانِ فِي الْأَفْلَاكِ وَالْعُقُولِ، وَأَمَّا عُلَمَاءُ الْهَيْئَةِ الْفَلَكِيَّةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ فَلَا يَتَعَذَّرُ عَلَى عُقُولِهِمْ أَنْ تَتَصَوَّرَ حَادِثًا تَتَحَوَّلُ فِيهِ حَرَكَةُ الْأَرْضِ الْيَوْمِيَّةُ فَيَكُونُ الشَّرْقُ غَرْبًا وَالْغَرْبُ شَرْقًا، وَلَا نَدْرِي أَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ تَغْيِيرًا آخَرَ فِي النِّظَامِ الشَّمْسِيِّ أَمْ لَا؟ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَأْثُورِ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا التَّوْجِيهَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا أَدَارَهَا بِالْقُطْبِ (أَيِ الْمِحْوَرِ) فَجَعَلَ مَشْرِقَهَا مَغْرِبَهَا وَمَغْرِبَهَا مَشْرِقَهَا. اهـ. وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْعِلْمِ الْمَعْقُولِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ كَعْبٍ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وَأَقْوَى الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ فَذَلِكَ حِينَ (لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ صَحِيحِهِ وَأَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ مُطَوَّلًا فِيهِ ذِكْرُ آيَاتٍ أُخْرَى لِقِيَامِ السَّاعَةِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا رَفَعَهُ " ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ. طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ " وَهُوَ مُشْكَلٌ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الْأُخْرَى الْوَارِدَةِ فِي نُزُولِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَإِيمَانِ النَّاسِ بِهِ، وَالْمُشْكَلَاتُ فِي الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَثِيرَةٌ، أَهَمُّ أَسْبَابِهَا فِيمَا صَحَّتْ أَسَانِيدُهُ وَاضْطَرَبَتِ الْمُتُونُ وَتَعَارَضَتْ أَوْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست