responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 18
بِاسْمِهِ وَالطَّوَافِ حَوْلَ تِمْثَالِهِ أَوْ قَبْرِهِ وَالتَّمَسُّحِ بِأَرْكَانِهِمَا، وَكُلُّ ذَلِكَ شِرْكٌ فِي الْعِبَادَةِ شُبْهَتُهُ تَعْظِيمُ الْمُقَرَّبِينَ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِلتَّقْرِيبِ بِهِمْ إِلَيْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَقَدْ رَاجَتْ هَذِهِ الشُّبُهَاتُ الْوَثَنِيَّةُ فِي أَهْلِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ بِالْأَهْوَاءِ الْجَهْلِيَّةِ. وَأَوَّلُوا لِأَجْلِهَا النُّصُوصَ الْقَطْعِيَّةَ، وَأَجَازَ بَعْضُ مُنْتَحِلِي الْعِلْمِ الدِّينِيِّ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَعُدُّونَهُ كُفْرًا وَشِرْكًا مِنْ غَيْرِهِمْ إِمَّا بِإِنْكَارِ تَسْمِيَتِهِ عِبَادَةً أَوْ بِدَعْوَى أَنَّ الْعِبَادَةَ الَّتِي يُتَوَجَّهُ بِهَا إِلَى غَيْرِ اللهِ تَعَالَى لِأَجْلِ جَعْلِهِ وَاسِطَةً وَوَسِيلَةً إِلَيْهِ لَا تُعَدُّ شِرْكًا بِهِ، وَمَا الشِّرْكُ فِي الْعِبَادَةِ إِلَّا هَذَا، وَلَوْ وُجِّهَتِ الْعِبَادَةُ إِلَى هَؤُلَاءِ الْوُسَطَاءِ لِذَوَاتِهِمْ طَلَبًا لِلنَّفْعِ أَوْ دَفْعِ الضَّرَرِ مِنْهُمْ أَنْفُسِهِمْ - وَهَذَا وَاقِعٌ أَيْضًا - لَكَانَتْ تَوْحِيدًا لِعِبَادَةِ هَؤُلَاءِ لَا إِشْرَاكًا لَهُمْ مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) (98: 5) وَالْمُخْلِصُ لِلَّهِ: مَنْ خَلُصَتْ عِبَادَتُهُ مِنَ التَّوَجُّهِ إِلَى غَيْرِهِ مَعَهُ، وَالْحَنِيفُ: مَنْ كَانَ مَائِلًا عَنْ غَيْرِهِ إِلَيْهِ، فَمَا كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ مُوَحِّدًا لَهُ (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (12: 106) وَتَقَدَّمَ تَوْضِيحُ هَذِهِ الْمَعَانِي مِرَارًا.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) هَذَا التَّذْيِيلُ الْتِفَاتٌ عَنْ خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ كَافَّةً إِلَى خِطَابِ الرَّسُولِ خَاصَّةً، أَيْ إِنَّ رَبَّكَ الَّذِي بَيَّنَ هَذِهِ الْهِدَايَةَ عَلَى لِسَانِكَ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَمِنْ سَائِرِ خَلْقِهِ بِالْمُعْتَدِينَ الَّذِينَ يَتَجَاوَزُونَ مَا أَحَلَّهُ لَهُمْ إِلَى مَا حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ، أَوْ يَتَجَاوَزُونَ حَدَّ
الضَّرُورَةِ عِنْدَ وُقُوعِهَا اتِّبَاعًا لِأَهْوَائِهِمْ، وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي الِاعْتِدَاءِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (5: 87) وَهَذَا الْإِخْبَارُ يَتَضَمَّنُ الْإِنْذَارَ وَالْوَعِيدَ، أَيْ فَهُوَ يُجَازِيهِمْ عَلَى اعْتِدَائِهِمْ.
وَقَدِ اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنَ الْآيَةِ تَحْرِيمَ الْقَوْلِ فِي الدِّينِ بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ وَعَصَبِيَّةِ الْمَذَاهِبِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنِ اتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، إِذِ الْمُقَلِّدُ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا قَلَّدَ فِيهِ وَذَلِكَ بَدِيهِيٌّ فِي الْعَقْلِ، وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي النَّقْلِ. قَالَ الرَّازِيُّ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ فِي الدِّينِ بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ قَوْلٌ بِمَحْضِ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ وَالْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ.
(وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ) الْإِثْمُ فِي اللُّغَةِ: الْقَبِيحُ الضَّارُّ، وَفِي الشَّرْعِ: كُلُّ مَا حَرَّمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَهُوَ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَى الْعِبَادِ إِلَّا مَا كَانَ ضَارًّا بِالْأَفْرَادِ فِي أَنْفُسِهِمْ أَوْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ عُقُولِهِمْ أَوْ أَعْرَاضِهِمْ أَوْ دِينِهِمْ، أَوْ ضَارًّا بِالْجَمَاعَاتِ فِي مَصَالِحِهِمُ السِّيَاسِيَّةِ أَوِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ. وَالظَّاهِرُ مِنْهُ مَا فُعِلَ عَلَنًا وَالْبَاطِنُ مَا فُعِلَ سِرًّا، أَوِ الظَّاهِرُ مَا ظَهَرَ قُبْحُهُ أَوْ ضَرَرُهُ لِلْعَامَّةِ، وَإِنْ فُعِلَ سِرًّا، وَالْبَاطِنُ مَا يَخْفَى ذَلِكَ فِيهِ إِلَّا عَنْ بَعْضِ الْخَاصَّةِ وَإِنْ فُعِلَ جَهْرًا، أَوِ الظَّاهِرُ مَا تَعَلَّقَ بِأَعْمَالِ الْجَوَارِحِ، وَالْبَاطِنُ مَا تَعَلَّقَ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ كَالنِّيَّاتِ وَالْكِبْرِ وَالْحَسَدِ وَالتَّفْكِيرِ فِي تَدْبِيرِ الْمَكَايِدِ الضَّارَّةِ وَالشُّرُورِ، وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْوُجُوهِ. وَمِمَّا يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ مِمَّا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ بَاطِنِ الْإِثْمِ عَلَى بَعْضِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست