responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 174
هَذِهِ الْأُمَّةِ وَتَدَاعِي الْأُمَمِ عَلَيْهَا وَضَعْفِهَا بِالتَّفَرُّقِ فِي الدِّينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ مَظَانِّهِ وَفَهَارِسِ أَجْزَاءِ التَّفْسِيرِ وَسَيُعَادُ الْبَحْثُ فِيهِ فِي تَفْسِيرِ: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) (159) مِنْ بَعْدِ بِضْعِ آيَاتٍ.
(ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أَيْ ذَلِكُمُ الْأَمْرُ بِاتِّبَاعِ صِرَاطِ الْحَقِّ الْمُسْتَقِيمِ، وَالنَّهْيِ عَنْ سَبِيلِ الضَّلَالَاتِ وَالْأَبَاطِيلِ الْمُعْوَجَّةِ، وَهُوَ جَامِعُ الْوَصَايَا النَّافِعَةِ الْبَعِيدَةِ الْمَرْمَى، الْمُوصِلُ إِلَى مَا لَا يُحِيطُ بِهِ الْوَصْفُ مِنَ السَّعَادَةِ الْعُظْمَى، وَصَّاكُمُ اللهُ بِهِ لِيُعِدَّكُمْ وَيُهَيِّئَكُمْ لِمَا يُرْجَى لِكُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنِ اتِّقَاءِ كُلِّ مَا يُشْقِيهِ وَيُرْدِيهِ فِي دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ. قَالَ أَبُو حَيَّانَ: وَلَمَّا كَانَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الْجَامِعَ لِلتَّكَالِيفِ، وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِاتِّبَاعِهِ وَنَهَى عَنِ اتِّبَاعِ غَيْرِهِ مِنَ الطُّرُقِ خَتَمَ ذَلِكَ بِالتَّقْوَى الَّتِي هِيَ اتِّقَاءُ النَّارِ ; إِذْ مَنِ اتَّبَعَ صِرَاطَهُ نَجَا النَّجَاةَ الْأَبَدِيَّةَ وَحَصَلَ عَلَى السَّعَادَةِ السَّرْمَدِيَّةِ.
وَأَقُولُ: إِنَّ كَلِمَةَ التَّقْوَى تَشْمَلُ كُلَّ مَا يُتَّقَى مِنَ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ مَهْمَا يَكُنْ نَوْعُهُ وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي التَّنْزِيلِ فِي سِيَاقِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ عِبَادَاتٍ وَمُعَامَلَاتٍ، وَآدَابٍ وَقِتَالٍ، وَسُنَنِ اجْتِمَاعٍ، وَطَعَامٍ وَشَرَابٍ، وَعِشْرَةٍ وَزَوَاجٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهِيَ تُفَسَّرُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِحَسَبِهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ. وَهِيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ تَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ لِأَنَّهَا جَاءَتْ فِي سِيَاقِ اتِّبَاعِ صِرَاطِ اللهِ الْمُسْتَقِيمِ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ الشَّخْصِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ.
وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى مَوْضِعِ خَتْمِ الْآيَةِ الَّتِي قَبِلَ هَذِهِ بِالذِّكْرِ وَالتَّذَكُّرِ وَمَا قَبِلَهُمَا بِالْعَقْلِ. وَبَعْدَ تَفْسِيرِ الْآيَاتِ كُلِّهَا رَاجَعْتُ مَا لَدَيَّ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ فَرَأَيْتُ السَّيِّدَ قَدْ أَتَى بِمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ غَيْرُهُ مِمَّا قَالَهُ عُلَمَاءُ الْبَلَاغَةِ فِي نُكَتِ هَذِهِ الْخَوَاتِيمِ لِلْآيَاتِ الثَّلَاثِ وَهَذَا نَصُّهُ:
وَخُتِمَتِ الْآيَةُ الْأُولَى بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وَهَذِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُسْتَمِرِّينَ عَلَى الشِّرْكِ وَقَتْلِ الْأَوْلَادِ وَقُرْبَانِ الزِّنَا وَقَتْلِ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ (غَيْرَ) مُسْتَنْكِفِينَ وَلَا عَاقِلِينَ قُبْحَهَا، فَنَهَاهُمْ سُبْحَانَهُ لَعَلَّهُمْ يَعْقِلُونَ قُبْحَهَا فَيَسْتَنْكِفُوا عَنْهَا وَيَتْرُكُوهَا، وَأَمَّا حِفْظُ أَمْوَالِ الْيَتَامَى عَلَيْهِمْ وَإِيفَادُ الْكَيْلِ وَالْعَدْلُ فِي الْقَوْلِ وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ فَكَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَيَفْتَخِرُونَ بِالِاتِّصَافِ بِهِ، فَأَمَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِذَلِكَ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ إِنْ عَرَضَ لَهُمْ نِسْيَانٌ، قَالَهُ الْقُطْبُ الرَّازِيُّ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ: إِحْسَانُ الْوَالِدَيْنِ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي أَيْضًا، فَكَيْفَ ذُكِرَ مِنَ الْأَوَّلِ؟ قُلْتُ: أَعْظَمُ النِّعَمِ عَلَى الْإِنْسَانِ نِعْمَةُ اللهِ تَعَالَى، وَيَتْلُوهُ الْوَالِدَيْنِ لِأَنَّهُمَا الْمُؤَثِّرَانِ فِي الظَّاهِرِ، وَمِنْهُمَا نِعْمَةُ التَّرْبِيَةِ وَالْحِفْظِ عَنِ الْهَلَاكِ فِي وَقْتِ الصِّغَرِ، فَلَمَّا نَهَى عَنِ الْكُفْرِ بِاللهِ تَعَالَى نَهَى بَعْدَهُ عَنِ الْكُفْرَانِ فِي نِعْمَةِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست