responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 152
وَفِي مَعَاجِمِ اللُّغَةِ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي سَنَامَ الْبَعِيرِ وَبَيَاضَ الْبَطْنِ شَحْمًا، وَشَحَمَ شَحَامَةً سَمِنَ وَكَثُرَ شَحْمُهُ فَهُوَ شَحِيمٌ، وَيَغْلِبُ الشَّحْمُ فِي عُرْفِنَا عَلَى الْمَادَّةِ الدُّهْنِيَّةِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى كِرْشِ الْحَيَوَانِ وَكُلْيَتَيْهِ وَأَمْعَائِهِ وَفِيهَا وَفِي سَائِرِ الْجَوْفِ، وَلَا يُطْلَقُ عَلَى الْأَلْيَةِ وَمَا عَلَى ظَاهِرِ اللَّحْمِ مِنَ الْمَادَّةِ الْبَيْضَاءِ، وَهُوَ تَخْصِيصٌ مُوَلَّدٌ لَا نَدْرِي مَتَى حَدَثَ. وَالْحَوَايَا جَمْعُ حَاوِيَةٍ كَزَاوِيَةٍ وَزَوَايَا أَوْ حَوِيَّةٍ كَقَضِيَّةٍ وَقَضَايَا، وَفُسِّرَتْ بِالْمَبَاعِرِ وَبِالْمَرَابِضِ وَبِالْمَصَارِينِ وَالْأَمْعَاءِ، وَالْمَرَابِضُ مُجْتَمَعُ الْأَمْعَاءِ فِي الْبَطْنِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: إِنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْهِمُ الثَّرْبُ وَشَحْمُ الْكِلْيَةِ وَكُلُّ شَحْمٍ كَانَ لَيْسَ فِي عَظْمٍ. وَالثَّرْبُ كَفَلْسٍ الشَّحْمُ الرَّقِيقُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الْكِرْشِ وَالْأَمْعَاءِ. وَقَوْلُهُ: (إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي مَا عَلَقَ بِالظَّهْرِ مِنَ الشَّحْمِ. وَالْحَوَايَا: الْمَبَاعِرُ (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) قَالَ: الْأَلْيَةُ إِذَا اخْتَلَطَ شَحْمُ الْأَلْيَةِ بِالْعُصْعُصِ فَهُوَ حَلَالٌ وَكُلُّ شَحْمِ الْقَوَائِمِ وَالْجَنْبِ وَالرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ. يَقُولُونَ: قَدِ اخْتَلَطَ ذَلِكَ بِعَظْمٍ فَهُوَ حَلَالٌ لَهُمْ إِنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْهِمُ الثُّرُوبُ وَشَحْمُ الْكُلْيَةِ وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ كَذَلِكَ لَيْسَ فِي عَظْمٍ.
وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ الْآيَةَ أَوْجَزَتْ أَبْلَغَ الْإِيجَازِ فِي بَيَانِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشُّحُومِ وَمَا أُحِلَّ لَهُمْ، فَلِمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَى الْإِيجَازِ أَنْ يَكُونَ التَّعْبِيرُ: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَشُحُومَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ إِلَّا كَذَا وَكَذَا مِنْهَا؟ وَمَا نُكْتَةُ هَذَا التَّعْبِيرِ الْخَاصِّ فِيهَا؟ نَقُولُ: قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ بِجَعْلِهِ " كَقَوْلِكَ: مِنْ زِيدٍ أَخَذْتُ مَالَهُ - تُرِيدُ بِالْإِضَافَةِ زِيَادَةَ الرَّبْطِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ حُر‌ِّمَ عَلَيْهِمْ لَحْمُ كُلِّ ذِي ظُفُرٍ وَشَحْمُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ وَتُرِكَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ عَلَى التَّحْلِيلِ لَمْ يُحَرَّمْ مِنْهُمَا إِلَّا الشُّحُومُ الْخَالِصَةُ وَهِيَ الثُّرُوبُ وَشُحُومُ الْكُلَى " اهـ.
وَأَقُولُ: إِنَّ الْمَعْنَى الْمُتَبَادِرَ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ النُّكْتَةُ هُوَ: وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِمَّا أُحِلُّ لَهُمْ مِنْ حَيَوَانِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا الزَّائِدَةَ الَّتِي تُنْتَزَعُ بِسُهُولَةٍ لِعَدَمِ اخْتِلَاطِهَا بِلَحْمٍ وَلَا عَظْمٍ، وَأَمَّا مَا حَمَلَتِ الظُّهُورُ أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ فَلَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِمْ. فَتَقْدِيمُ ذِكْرِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِبَيَانِ الْحَصْرِ، وَاخْتُلِفَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ هُنَا هَلْ هُوَ مُنْقَطِعٌ أَوْ مُتَّصِلٌ مِنَ الشُّحُومِ، وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَحْكَامًا فِيمَنْ يَحْلِفُ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ مِمَّا اسْتُثْنِيَ، وَالصَّوَابُ أَنَّ مَبْنَى الْإِيمَانِ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى حَقِيقَةِ مَدْلُولِ اللُّغَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِهِ، وَسَبَبُ تَخْصِيصِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِالْحُكْمِ هُوَ أَنَّ الْقَرَابِينَ عِنْدَهُمْ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْهُمَا، وَكَانَ يُتَّخَذُ مِنْ شَحْمِهِمَا الْمَذْكُورِ الْوَقُودُ لِلرَّبِّ كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ سِفْرِ اللَّاوِيِينَ، وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهُ الشَّحْمُ الَّذِي يَغْشَى الْأَحْشَاءَ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَالْأَلْيَةَ مِنْ عِنْدِ الْعُصْعُصِ (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) وَقَالَ بَعْدَ التَّفْصِيلِ فِي قَرَابِينِ السَّلَامَةِ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِقِسْمَيْهِ الضَّأْنِ وَالْمَعِزِ مَا نَصُّهُ: " 3: 16 كُلُّ الشَّحْمِ لِلرَّبِّ 17 فَرِيضَةٌ فِي أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ لَا تَأْكُلُوا شَيْئًا مِنَ الشَّحْمِ وَلَا مِنَ الدَّمِ " اهـ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست