responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 148
(الثَّانِي) إِحْلَالُ طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالنَّصَارَى مِنْهُمْ لَا يَكَادُونَ يُحَرِّمُونَ شَيْئًا مِنْ نَوْعِ الْحَيَوَانِ مِمَّا يَدُبُّ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ.
(الثَّالِثُ) الْآيَاتِ الدَّالَّةُ عَلَى إِبَاحَةِ مَنَافِعِ الْعَالَمِ عَامَّةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) (2: 29) وَقَوْلِهِ: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) (22: 65) وَفِي مَعْنَاهُ بَعْدَ ذِكْرِ تَسْخِيرِ الْبَحْرِ: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) (45: 13) وَصَرَّحَ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ بِذِكْرِ الْأَكْلِ فِي تَسْخِيرِ الْبَحْرِ فَقَالَ: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) (16: 14) إِلَخْ. (الرَّابِعُ) مَا يُؤَيِّدُ هَذَا الْأَصْلَ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنَ الطَّعَامِ، وَهُوَ مَا وَرَدَ مِنَ التَّشْدِيدِ فِي حَظْرِ تَحْرِيمِ أَيِّ شَيْءٍ عَلَى عِبَادِ اللهِ غَيْرَ مَا حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ كَالْآيَاتِ السَّابِقَةِ لِآيَةِ الْأَنْعَامِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي تَفْسِيرِهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَ آيَةِ النَّحْلِ فِي الْحَصْرِ: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) (16: 116) وَقَالَ بَعْدَهَا بِآيَةٍ: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (118) فَآيَاتُ النَّحْلِ بِمَعْنَى آيَاتِ الْأَنْعَامِ فِي جُمْلَتِهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) نَصٌّ فِي نُزُولِ النَّحْلِ بَعْدَ الْأَنْعَامِ كَمَا قَالَ أَهْلُ الْأَثَرِ. وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ) (9: 31) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَفْسِيرِهَا: " أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ وَأَكْثَرُ رُوَاةِ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ الشَّهِيرِ بِالْجُودِ، وَكَانَ عَدِيُّ قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفَرَّ بَعْدَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ إِلَى الشَّامِ، فَأُسِرَتْ أُخْتُهُ وَمَنَّ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَاهَا، فَلَحِقَتْ بِهِ وَرَغَّبَتْهُ فِي الْإِسْلَامِ فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِهِ صَلِيبٌ مِنْ فِضَّةٍ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ. قَالَ فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوهُمْ فَقَالَ: " بَلَى إِنَّهُمْ حَرَّمُوا عَلَيْهِمُ الْحَلَالَ وَأَحَلُّوا لَهُمُ الْحَرَامَ فَاتَّبَعُوهُمْ فَذَلِكَ عِبَادَتُهُمْ إِيَّاهُمْ " ثُمَّ دَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ. وَرَوَوْا مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَمَعْنَى رِوَايَةِ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ: أَنَّهُمْ لَمْ يَتَّخِذُوهُمْ آلِهَةً، فَالْإِلَهُ هُوَ الْمَعْبُودُ وَلَكِنَّهُمُ اتَّخَذُوهُمْ
أَرْبَابًا بِمَعْنَى شَارِعِينَ، وَهَذِهِ عِبَادَةُ رُبُوبِيَّةٍ لَا أُلُوهِيَّةٍ، فَالشَّرْعُ لِلرَّبِّ وَحْدَهُ وَالرُّسُلُ مُبَلِّغُونَ عَنْهُ وَهُمْ مَعْصُومُونَ فِي تَبْلِيغِهِمْ وَفِي بَيَانِهِمْ لِمَا بَلَغُوهُ، وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَتُهُمْ فِي التَّبْلِيغِ وَلَكِنَّهُمْ غَيْرُ مَعْصُومِينَ، فَلَا يَجُوزُ لِمُؤْمِنٍ بِاللهِ أَنْ يَتَّبِعَ عَالِمًا فِي قَوْلِهِ هَذَا حَرَامٌ إِلَّا إِذَا جَاءَهُ بِبَيِّنَةٍ عَنِ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ فَعَقَلَهَا وَاعْتَقَدَ صِحَّتَهَا. قَالَ الرَّبِيعُ: قُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ: كَيْفَ كَانَتْ تِلْكَ الرُّبُوبِيَّةُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ: إِنَّهُمْ رُبَّمَا وَجَدُوا فِي كِتَابِ اللهِ مَا يُخَالِفُ أَقْوَالَ الْأَحْبَارِ فَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِأَقْوَالِهِمْ وَمَا كَانُوا يَقْبَلُونَ حُكْمَ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست