responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 130
وَقَدْ خَتَمَ اللهُ تَعَالَى هَذَا السِّيَاقَ بِبَيَانِ مَا حَرَّمَهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى لِسَانِ خَاتَمِ رُسُلِهِ وَشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ فَقَالَ: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) أَيْ قُلْ أَيُّهَا الرَّسُولُ لِهَؤُلَاءِ الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللهِ تَعَالَى فِيمَا يَضُرُّهُمْ مِنْ تَحْرِيمِ مَا لَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْهِمْ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ: لَا أَجِدُ فِيمَا أَوْحَاهُ اللهُ تَعَالَى إِلَيَّ طَعَامًا مُحَرَّمًا عَلَى آكِلٍ يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَهُ، بَلِ الْأَصْلُ فِي جَمِيعِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُؤْكَلَ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا لِذَاتِهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً، أَيْ بَهِيمَةً مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا وَلَوْ بِسَبَبٍ غَيْرِ التَّذْكِيَةِ بِقَصْدِ الْأَكْلِ، أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا، أَيْ مَصْبُوبًا كَالدَّمِ الَّذِي يَجْرِي مِنَ الْمَذْبُوحِ أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ خَبِيثٌ تَعَافُهُ الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ وَضَارٌّ بِالْأَبْدَانِ الصَّحِيحَةِ، أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ، وَهُوَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ تَعَبُّدًا وَيُذْكَرُ اسْمُ ذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَبْحِهِ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمُ الْوَصْفَ بِالرِّجْسِ لِلَحْمِ الْخِنْزِيرِ خَاصَّةً وَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِهِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ بِنَجَاسَةِ شَعْرِهِ. وَمَا اخْتَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْوَصْفِ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ هُوَ الْمُتَبَادِرُ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ مِنْهُ فِي لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا أُرِيدَ بِالرِّجْسِ الْحِسِّيُّ مِنْهُ فَإِنَّ طِبَاعَ أَكْثَرِ الْبَشَرِ تَسْتَقْذِرُهُمَا وَتَعَافُهُمَا، وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ مِنْ أَجْمَلِ اللُّحُومِ مَنْظَرًا فَلَا يَعَافُهُ إِلَّا مَنْ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ وَذَلِكَ اسْتِقْذَارٌ مَعْنَوِيٌّ لَا حِسِّيٌّ، وَإِنَّمَا يُسْتَقْذَرُ الْخِنْزِيرُ حَيًّا بِمُلَازَمَتِهِ لِلْأَقْذَارِ وَأَكْلِهِ مِنْهَا. وَالْأَرْجَحُ أَنَّ سَبَبَ تَحْرِيمِ لَحْمِهِ مَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ لَا كَوْنُهُ مِنَ الْقَذَرِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْمَائِدَةِ.
قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ (تَكُونُ مَيْتَةً) بِالتَّاءِ لِتَأْنِيثِ مَيْتَةٍ، وَابْنُ عَامِرٍ بِالتَّاءِ مَعَ رَفْعِ مَيْتَةٍ عَلَى مَعْنَى إِلَّا أَنْ تُوجَدَ مَيْتَةٌ، وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ مَعَ نَصْبِ مَيْتَةٍ وَهَذِهِ
وُجُوهٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ كُلُّهَا جَائِزَةٌ فَصِيحَةٌ.
(فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أَيْ فَمَنْ دَفَعَتْهُ ضَرُورَةُ الْمَجَاعَةِ وَفَقْدِ الْحَلَالِ إِلَى أَكْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ بَاغٍ، أَيْ مُرِيدٌ لِذَلِكَ قَاصِدٌ لَهُ وَلَا مُتَعَدٍّ فِيهِ قَدْرَ الضَّرُورَةِ، فَإِنَّ رَبَّكَ الَّذِي لَمْ يُحَرِّمْ مَا ذُكِرَ إِلَّا لِضَرَرِهِ. غَفُورٌ رَحِيمٌ فَلَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست