responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 100
إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمَخِيطُ إِذَا دَخَلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا
فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ تَعَالَى، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ " وَالْمُرَادُ بِإِطْعَامِهِ تَعَالَى وَكَسْوِهُ لِعِبَادِهِ خَلْقُهُ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ وَمَا يَصْنَعُونَ مِنْهُ لِبَاسَهُمْ، وَبِاسْتِطْعَامِهِ وَاسْتِكْسَائِهِ طُلِبَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالْعَمَلِ بِمَا هَدَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ سُنَنِهِ فِي أَسْبَابِ الْمَعَاشِ. وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى الْجَبْرِيَّةِ كَالْآيَاتِ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ تَعَالَى ذَا الرَّحْمَةِ الْكَامِلَةِ وَحْدَهُ فَجَلِيٌّ ظَاهِرٌ عَقْلًا وَفِعْلًا وَنَقْلًا، فَنَحْنُ نَعْلَمُ مِنْ أَنْفُسِنَا أَنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَّا إِلَّا وَيَقْسُو وَيَظْلِمُ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ أَحْيَانًا، حَتَّى أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْهِ وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ كَالزَّوْجِ وَالْوَلَدِ وَالْوَالِدِ فَمَا الْقَوْلُ بِمَنْ دُونَهُمْ، عَلَى أَنَّ كُلَّ ذِي رَحْمَةٍ فَرَحْمَتُهُ مِنْ فَيْضِ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى خَالِقِ الْأَحْيَاءِ وَوَاهِبِ الْغَرَائِزِ وَالصِّفَاتِ. رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلِبُ ثَدْيَهَا بِسَقْيٍ إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ وَأَرْضَعَتْهُ فَوَجَدَتْ صَبِيًّا فَأَخَذَتْهُ فَالْتَزَمَتْهُ - وَفِي رِوَايَةٍ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا - فَأَرْضَعَتْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ - قُلْنَا: لَا وَهِيَ قَادِرَةٌ عَلَى أَلَّا تَطْرَحَهُ - فَقَالَ: اللهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ". وَرَوَيَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " جَعَلَ اللهُ الرَّحْمَةَ فِي مِائَةِ جُزْءٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ " رَوَيَاهُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ مِنْهَا " إِنَّ اللهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً وَأَرْسَلَ فِي الْخَلْقِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ " وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّحْمَةَ رَحْمَتَانِ: صِفَةُ ذَاتٍ قَائِمَةٌ بِذَاتِ اللهِ تَعَالَى وَهِيَ لَا تَتَعَدَّدُ وَصِفَةُ فِعْلٍ وَهِيَ الَّتِي جُعِلَتْ مِائَةَ قِسْمٍ، وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي نِسْبَةِ رَحْمَةِ جَمِيعِ الْخَلْقِ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى لِبَيَانِ تَعْظِيمِ قَدْرِهَا، فَيَا حَسْرَةً عَلَى مَنْ لَمْ يَقْدِرْهَا قَدْرَهَا وَيَا حَسْرَةً عَلَى مَنِ اغْتَرَّ بِهَا فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ وَنَسِيَ حِكْمَتَهُ فِي الْجَزَاءِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي الْحَدِيثِ لِبَيَانِ وُجُوبِ الْجَمْعِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست