responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 553
(وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) .
أَمَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَاتِ بِتَبْلِيغِ وَحْيِهِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ،
وَبِالْإِعْرَاضِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ بِمُقَابَلَةِ جُحُودِهِمْ وَطَعْنِهِمْ فِي الْوَحْيِ بِالصَّبْرِ وَالْحِلْمِ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْ مُقْتَضَى سُنَّتِهِ فِي خَلْقِ الْبَشَرِ مُتَفَاوِتِي الِاسْتِعْدَادِ، مُخْتَلِفِي الْفَهْمِ وَالِاجْتِهَادِ، أَنْ لَا يَتَّفِقُوا عَلَى دِينٍ، وَمِنْ مُقْتَضَى هِدَايَتِهِ فِي بَعْثَةِ الرُّسُلِ أَنْ يَكُونُوا مُبَلِّغِينَ لَا مُسَيْطِرِينَ وَهَادِينَ لَا جَبَّارِينَ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَضِيقُوا ذَرْعًا بِحُرِّيَّةِ النَّاسِ فِي اعْتِقَادِهِمْ، فَإِنَّ خَالِقَهُمْ هُوَ الَّذِي مَنَحَهُمْ هَذِهِ الْحُرِّيَّةَ وَلَمْ يُجْبِرْهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ إِجْبَارًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى هَذَا الْإِرْشَادِ النَّهْيَ عَنْ سَبِّ آلِهَتِهِمْ، وَطَلَبِ بَعْضِهِمْ لِلْآيَاتِ وَحَقِيقَةِ حَالِهِمْ فِيهَا فَقَالَ:
(وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرٍ عِلْمِ) ; أَيْ وَلَا تَسُبُّوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مَعْبُودَاتِهِمُ الَّتِي يَدْعُونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ لِجَلْبِ النَّفْعِ لَهُمْ أَوْ دَفْعِ الضُّرِّ عَنْهُمْ بِوَسَاطَتِهَا وَشَفَاعَتِهَا عِنْدَ اللهِ لَهُمْ، فَيَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ سَبُّهُمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (عَدْوًا) ، أَيْ تَجَاوُزًا مِنْهُمْ فِي السِّبَابِ وَالْمُشَاتَمَةِ الَّتِي يَغِيظُونَ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ إِلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ سَبًّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، لِأَنَّهُمْ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ بِاللهِ لَا يَتَعَمَّدُونَ سَبَّهُ ابْتِدَاءً عَنْ رَوِيَّةٍ وَعِلْمٍ، بَلْ يَسُبُّونَهُ بِوَصْفٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ كَسَبِّهِمْ لِمَنْ أَمَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْقِيرِ آلِهَتِهِمْ، أَوْ لِمَنْ يَقُولُ إِنَّهَا لَا تَشْفَعُ وَلَا تَنْفَعُ، أَوْ يَقُولُونَ قَوْلًا يَسْتَلْزِمُ سَبَّهُ بِحَيْثُ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ قَائِلُهُ. وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ اجْتِنَابُ سَبِّهِ حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ أَوْ يُقَابِلُونَ السَّابَّ لِمَعْبُودِهِمْ بِمِثْلِ سَبِّهِ يُرِيدُونَ مَحْضَ الْمُجَازَاةِ فَيَتَجَاوَزُونَهَا كَمَا يَقَعُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 553
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست