responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 550
لِأَجْلِهَا أَوِ الَّتِي مِنْ شَأْنِ الْقُرْآنِ نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً وَسَبَبًا لَهَا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى وُجُودِهِ إِعْرَاضُ فَاسِدِي الْفِطْرَةِ عَنْهُ وَضَلَالُهُمْ بِسَبَبِ الْكُفْرِ بِهِ، فَهُوَ بِمَعْنَى الْعَاقِبَةِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى إِنْزَالِهِ كَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى جَمِيعِ الْمَنَافِعِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ لِلنَّاسِ فِي الْأَنْفُسِ وَالْآفَاقِ مَضَارٌّ كَثِيرَةٌ مِنْ سُوءِ الِاسْتِعْمَالِ.
(وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أَيْ وَلِنُبَيِّنَ هَذَا الْقُرْآنَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ تَصْرِيفِ الْآيَاتِ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ بَعْضُ الْمُكَابِرِينَ إِنَّهُ أَثَرُ دَرْسٍ وَاجْتِهَادٍ، أَوْ لِنُبَيِّنَ التَّصْرِيفَ الْمَفْهُومَ مِنْ " نُصَرِّفُ " لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بِالْفِعْلِ وَبِالِاسْتِعْدَادِ، الَّذِي لَا يُعَارِضُهُ تَقْلِيدٌ وَلَا عِنَادٌ، مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَاتُ مِنَ الْحَقَائِقِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الِاهْتِدَاءِ بِهَا مِنَ السَّعَادَةِ فَعُلِمَ مِنْ عَطْفِ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ أَنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلرَّسُولِ إِنَّكَ دَرَسْتَ أَوْ دَارَسْتَ حَتَّى جِئْتَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ الْمُنَزَّلَةِ إِذْ كَانَتْ أَثَرَ الدَّرْسِ أَوِ الْمُدَارَسَةِ هُمُ الْجَاهِلُونَ الَّذِينَ لَمْ يَفْهَمُوا تِلْكَ الْآيَاتِ الَّتِي صَرَفَهَا اللهُ عَلَى أَنْوَاعٍ أَوْ أَشْتَاتٍ، أَوْ لَمَ يَفْهَمُوا سِرَّهَا وَمَا يَجِبُ مِنْ إِيثَارِهَا عَلَى مَنَافِعَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا. وَأَمَّا الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَدْلُولَاتِهَا وَحَسُنَ عَاقِبَةِ الِاهْتِدَاءِ بِهَا، فَهُمُ الَّذِينَ يَتَبَيَّنُ لَهُمْ بِتَأَمُّلِهَا حَقِيقَةَ الْقُرْآنِ أَوْ مَا فِي التَّصْرِيفِ لَهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ، الْمُؤَيَّدِ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ.
وَلِلْمُفَسِّرِينَ فِي الْآيَةِ أَقْوَالٌ أُخْرَى مَنْقُوصَةٌ مِنْهَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِدَارَسْتَ قَارَأْتَ الْيَهُودَ فَحَفِظْتَ عَنْهُمْ بَعْضَ مَعَانِي هَذِهِ الْآيَاتِ، وَيَنْهَضُ هَذَا بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ مِنْ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي أَوَائِلِ الْبَعْثَةِ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ أَحَدًا مِنَ الْيَهُودِ إِذْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَلَوْ تَلَقَّى عَنْهُمْ كُتُبَهُمْ بِالْمُدَارَسَةِ لَمَا سَكَتُوا عَنْ بَيَانِ ذَلِكَ لِمُشْرِكِي مَكَّةَ حِينَ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ يَسْأَلُونَهُمْ عَنْهُ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَمِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهَيْمِنٌ عَلَى كُتُبِهِمْ (5: 48) قَدْ بَيَّنَ أَنَّ مَا عِنْدَهُمْ مُحَرَّفٌ وَفِيهِ زِيَادَةٌ عَمَّا جَاءَ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ، وَنَقْصٌّ بِمَا نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ أَوَّلِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَتَفْسِيرِ النِّسَاءِ (4: 46) وَالْمَائِدَةِ (5: 14) : فَلْيُرَاجَعْ فِي الْجُزْئَيْنِ 5، 6 مِنَ التَّفْسِيرِ - كَمَا أَنَّهُ بَيَّنَ لَهُمْ كَثِيرًا مِمَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ (5: 15) وَهُوَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَتَمُّ وَأَكْمَلُ لِأَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ الَّذِي أَكْمَلَ اللهُ عَلَى لِسَانِهِ الدِّينَ.
(وَمِنْهَا) قَوْلُ آخَرِينَ: إِنَّ " لِيَقُولُوا دَارَسْتَ " عَلَى النَّفْيِ، أَيْ لِئَلَّا يَقُولُوا
ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَنَقَلَهُ الرَّازِيُّ عَنِ الْقَاضِي مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَرَدَّهُ أَشَدَّ الرَّدِّ وَلَهُ الْحَقُّ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُصِيبٍ فِي جَعْلِ الْعِبَارَةِ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْجَبْرِ أَوِ الْقَدَرِ.
(وَمِنْهَا) قَوْلُ الرَّازِيِّ: إِنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَقُولُونَ فِي نُزُولِ الْقُرْآنِ نُجُومًا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَضُمُّ هَذِهِ الْآيَاتِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَيَتَفَكَّرُ فِيهَا وَيُصْلِحُهَا آيَةً فَآيَةً ثُمَّ يُظْهِرُهَا، وَلَوْ كَانَتْ وَحْيًا لَجَاءَ بِهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً كَمَا جَاءَ مُوسَى بِالتَّوْرَاةِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ تَصْرِيفُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 550
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست