responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 537
إِلَى الْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ: (نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا) تَحْصُلُ بِإِرَادَةِ اسْتِحْضَارِ صُورَتِهِ الْعَجِيبَةِ فِي حُسْنِهَا وَانْتِظَامِهَا، وَتَنَضُّدِ سَنَابِلِهَا وَاتِّسَاقِهَا، وَعَطَفَ عَلَيْهِ مَا يُخْرِجُهُ تَعَالَى مِنْ طَلْعِ النَّخْلِ، مِنَ الْقِنْوَانِ الْمُشَابِهِ لِسَنَابِلِ الْقَمْحِ، فِي تَنَضُّدِ ثَمَرِهِ وَتَرَاكُبِهَا، وَمَنَافِعِهَا وَغَرَائِبِهَا، فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَفْضَلَ غِذَاءٍ لِلنَّاسِ، وَعَلَفٍ للدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ، وَذَكَرَ بَعْدَهُ جَنَّاتِ الْأَعْنَابِ ; لِأَنَّهَا أَشْبَهُ بِالنَّخِيلِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ، فَالْعَنَاقِيدُ تُشْبِهُ الْعَرَاجِينَ فِي تَكَوُّنِهَا، وَتَرَاكُبِ حَبِّهَا وَأَلْوَانِ ثَمَرِهَا، كَمَا تُشْبِهُهَا فِي دَرَجَاتِ تَطَوُّرِهَا، فَالْحِصْرِمُ كَالْبُسْرِ، وَالْعِنَبُ كَالرُّطَبِ، وَالزَّبِيبُ كَالتَّمْرِ، وَيَخْرُجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَسَلٌ وَخَلٌّ وَخَمْرٌ، ثُمَّ ذَكَرَ الزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مَعْطُوفًا عَلَى نَبَاتِ كُلِّ شَيْءٍ أَوْ مَنْصُوبًا عَلَى الِاخْتِصَاصِ، لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ ; لِأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّشَابُهِ فِي الصُّورَةِ، مَحْصُورٌ فِي الْوَرَقِ دُونَ الثَّمَرَةِ، وَأَمَّا مَكَانُهُمَا مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَالْفَائِدَةِ، فَالْأَوَّلُ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ وَالْآخَرُ فِي الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ، ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّيْتُونَ وَزَيْتُهُ غِذَاءٌ فَقَطْ وَلَكِنَّهُ تَابِعٌ لِلطَّعَامِ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالتَّغْذِيَةِ. وَالرُّمَّانُ فَاكِهَةٌ وَشَرَابٌ فَقَطْ وَلَكِنَّهُمَا دُونَ فَوَاكِهِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ وَأَشْرِبَتِهِمَا فِي الْمَرْتَبَةِ، فَنَاسَبَ جَعْلُهُ
بَعْدَهُمَا، وَالْإِشَارَةُ بِاخْتِلَافِ الْإِعْرَابِ إِلَى رُتْبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَبِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْمَرَاتِبِ قَدَّمَ نَبَاتَ الْحَبِّ عَلَى الْجَمِيعِ ; لِأَنَّهُ الْغِذَاءُ الْأَعْظَمُ الْأَعَمُّ لِأَكْثَرِ النَّاسِ وَأَكْثَرِ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيَّةِ الَّتِي تَقُومُ أَكْثَرُ مَرَافِقِهِمْ وَمَنَافِعِهِمْ بِهَا، فَسُبْحَانَ مَنْ هَذَا كَلَامُهُ.
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.
حَكَى اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ بَعْضَ ضُرُوبِ الشِّرْكِ الَّتِي قَالَ بِهَا بَعْضُ الْعَرَبِ، وَرَوَى التَّارِيخُ كَثِيرًا مِنْ نَوْعِهَا عَنْ أُمَمِ الْعَجَمِ، وَهِيَ اتِّخَاذُ شُرَكَاءِ اللهِ مِنْ عَالَمِ الْجِنِّ الْمُسْتَتِرِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 537
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست