responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 525
تَالِيَةً لِطَائِفَةٍ مِنَ الْآيَاتِ فِي أُصُولِ الْإِيمَانِ الثَّلَاثَةِ: التَّوْحِيدُ وَالْبَعْثُ وَالرِّسَالَةُ، فَهِيَ مَزِيدُ تَأْكِيدٍ فِي إِثْبَاتِهَا، وَكَمَالِ بَيَانٍ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ تَعَالَى، بِمَا فِيهَا مِنْ بَيَانِ سَنَّنِهِ وَحِكَمِهِ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ وَالْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، وَتَقْدِيرِهِ وَتَدْبِيرِهِ لِأَمْرِ النَّيِّرَاتِ فِي السَّمَاوَاتِ، وَأَنْوَاعِ حُجَجِهِ وَدَلَائِلِهِ فِي أَنْوَاعِ النَّبَاتِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
(إِنَّ اللهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) الْفَلْقُ وَالْفَرْقُ وَالْفَتْقُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِلشَّقِّ - وَنَحْوُهُ الْفَأْوُ وَالْفَأْيُ وَالْفَتُّ وَالْفَتْحُ وَالْفَجْرُ وَالْفَرْزُ وَالْفَرْسُ وَالْفَرْصُ وَالْفَرْضُ وَالْفَرْيُ وَالْفَصْلُ وَأَشْبَاهُهَا - وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ) 2: 50 مَعَ قَوْلِهِ فِيهِ: (فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) 26: 63 وَمِنْ أَسْمَاءِ الصُّبْحِ الْفَلَقُ - بِالتَّحْرِيكِ - وَالْفَتَقُ - بِالْفَتْحِ - وَالْفَتِيقُ، وَقَوْلُ الرَّاغِبِ: الْفَلُّ شَقُّ الشَّيْءِ وَإِبَانَةُ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَالْفَتْقُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُتَّصِلَيْنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلِ التَّنْزِيلُ يَدُلُّ عَلَى عَكْسِ قَوْلِهِ. إِنَّ الْفَتْقَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الِانْشِقَاقُ وَالْفَلْقُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الِانْفِصَالُ. وَفِيهِ أَنَّ مَوَادَّ الْفَلْقِ وَالْفَتْقِ وَالشَّقِّ وَالْفَطْرِ وَمُطَاوَعَتِهَا قَدِ اسْتُعْمِلَتْ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَادِّيَّةِ فِي بَابِ الْخَلْقِ وَالتَّكْوِينِ وَمَا يُقَابِلُهُ مِنْ خَرَابِ الْعَالَمِ بِقِيَامِ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ الْفَرْقَ اسْتُعْمِلَ فِي الْأُمُورِ الْمَادِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ جَمِيعًا، وَمِنَ الثَّانِي تَسْمِيَةُ الْقُرْآنِ فُرْقَانًا وَتَلْقِيبُ عَمَرَ بِالْفَارُوقِ ; فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. وَالْحَبُّ بِالْفَتْحِ اسْمُ جِنْسٍ لِلْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَكُونُ فِي السُّنْبُلِ وَالْأَكْمَامِ، وَالْجَمْعُ حُبُوبٌ مِثْلَ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَالْوَاحِدَةُ حَبَّةٌ. وَالْحِبُّ بِالْكَسْرِ بِزْرُ مَا لَا يُقْتَاتُ مِثْلَ بُزُورِ الرَّيَاحِينِ الْوَاحِدَةُ حِبَّةٌ بِالْكَسْرِ. قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَنَحْوِهِ فِي مُفْرَدَاتِ الرَّاغِبِ. وَالنَّوَى جَمْعُ نَوَاةٍ وَهِيَ عَجَمَةُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا فِي اللِّسَانِ، وَالْعَجَمَةُ بِالتَّحْرِيكِ مَا يَكُونُ فِي دَاخِلِ التَّمْرَةِ وَالزَّبِيبَةِ وَنَحْوِهَا، وَجَمْعُهَا عَجَمٌ وَقِيلَ: إِنَّ النَّوَى إِذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ إِلَى عَجَمِ التَّمْرِ، فَإِنْ أُرِيدَ غَيْرُهُ قُيِّدَ فَقِيلَ نَوَى الْخَوْخِ وَنَوَى الْمِشْمِشِ، وَلَعَلَّ هَذَا تَابِعٌ لِلْقَرِينَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَذَلِكَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ.
وَالْمَعْنَى أَنَّ اللهَ هُوَ فَالِقُ مَا تَزْرَعُونَ مِنْ حَبِّ الْحَصِيدِ وَنَوَى الثَّمَرَاتِ، وَشَاقَّهُ بِقُدْرَتِهِ وَتَقْدِيرِهِ الَّذِي رَبَطَ بِهِ أَسْبَابَ الْإِنْبَاتِ بِمُسَبِّبَاتِهَا. وَمِنْهَا جَعْلُ الْحَبِّ وَالنَّوَى فِي التُّرَابِ وَإِرْوَاءُ التُّرَابِ بِالْمَاءِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَلْقِ هُنَا الْخَلْقُ وَالْإِيجَادُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ)
أَيْ يُخْرِجُ الزَّرْعَ مِنْ نَجْمٍ وَشَجَرٍ وَهُوَ حَيٌّ - أَيْ مُتَغَذٍّ نَامٍ - مِنَ الْمَيِّتِ، وَهُوَ مَا لَا يَتَغَذَّى وَلَا يُنَمَّى مِنَ التُّرَابِ، وَكَذَا الْحَبُّ وَالنَّوَى وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْبُزُورِ كَمَا يَخْرُجُ الْحَيَوَانُ مِنَ الْبَيْضَةِ وَالنُّطْفَةِ. فَإِنْ قِيلَ: إِنْ عُلَمَاءَ الْمَوَالِيدِ يَزْعُمُونَ أَنَّ فِي كُلِّ أُصُولِ الْأَحْيَاءِ حَيَاةً، فَكُلُّ مَا يُنْبِتُ مِنْ ذَلِكَ ذُو حَيَاةٍ كَامِنَةٍ إِذَا عَقِمَ بِالصِّنَاعَةِ لَا يُنْبِتُ. قُلْنَا: إِنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ لَهُمْ، يُسَمُّونَ الْقُوَّةَ أَوِ الْخَاصِّيَّةَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 525
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست