responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 485
آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ، وَلَوْ قِيلَ: لِلَّذِينَ آمَنُوا الْأَمْنُ لَكَانَ آكَدُ، وَآكَدُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ: الَّذِينَ آمَنُوا. . . لَهُمُ الْأَمْنُ، وَآكُدُ مِنْ هَذَا نَصُّ الْآيَةِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمُرَادِ بِالظُّلْمِ هُنَا الظُّلْمُ الْعَظِيمُ مِنْهُ فَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ تَنْكِيرُهُ ; وَأَمَّا جَعْلُ هَذَا الظُّلْمِ الْعَظِيمِ خَاصًّا بِالشِّرْكِ بِاللهِ تَعَالَى فَلَا يُعْلَمُ مِنْ نَصِّ الْآيَةِ، وَلَكِنَّ السِّيَاقَ وَمَوْضُوعَ الْإِيمَانِ قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً غَيْرَ قَطْعِيَّةٍ لُغَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ ; وَلِذَلِكَ فَهِمَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مِنْهُ الْعُمُومَ الْمُطْلَقَ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ، فَأَخْبَرَهُمُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِمُرَادِ مَنْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ - بِمَعْنَاهُ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ، رَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّهُ لَيْسَ الَّذِي تَعْنُونَ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) 31: 13 إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ " وَرُوِيَ تَفْسِيرُ الظُّلْمِ هُنَا بِالشِّرْكِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَحُذَيْفَةَ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ.
(وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ) قِيلَ: إِنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى كُلِّ مَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا السِّيَاقِ، وَقِيلَ: إِلَى الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْهُ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى وَأَظْهَرُ وَأَعَمُّ وَأَشْمَلُ، وَالْمُرَادُ بِالْحُجَّةِ جِنْسُهَا، لَا فَرْدَ مِنْ أَفْرَادِهَا، أَيْ وَتِلْكَ الْحُجَّةُ الَّتِي تَضَمَّنَهَا مَا تَقَدَّمَ
مِنَ الْمَقَالِ، الْبَعِيدَةُ الْمَرْمَى فِي إِثْبَاتِ الْحَقِّ وَتَزْيِيفِ الضَّلَالِ، هِيَ حِجَّتُنَا الْبَالِغَةُ، الَّتِي لَا تُنَالُ إِلَّا بِهِدَايَتِنَا السَّابِغَةِ، أَعْطَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ حُجَّةً عَلَى قَوْمِهِ مُسْتَعْلِيَةً عَلَيْهِمْ، قَاطِعَةً لِأَلْسِنَتِهِمْ (نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) الدَّرَجَاتُ فِي الْأَصْلِ مَرَاقِي السُّلَّمِ وَتُوِسِّعَ فِيهَا فَصَارَتْ تُطْلَقُ عَلَى الْمَرَاتِبِ الْمَعْنَوِيَّةِ فِي الْخَيْرِ وَالْجَاهِ وَالْعِلْمِ وَالسِّيَادَةِ وَالرِّزْقِ، وَقَدْ قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ دَرَجَاتٍ بِالتَّنْوِينِ، وَقَرَأَهَا الْبَاقُونَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَنْ نَشَاءُ، وَمَعْنَى الْأَوَّلِ نَرْفَعُ مَنْ شِئْنَا مِنْ عِبَادِنَا دَرَجَاتٍ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى دَرَجَةٍ مِنْهَا، وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ نَرْفَعُ دَرَجَاتِ مِنْ شِئْنَا مِنْ أَصْحَابِ الدَّرَجَاتِ حَتَّى تَكُونَ دَرَجَتُهُ فِي كُلِّ فَضِيلَةٍ وَمَنْقَبَةٍ أَرْفَعَ مِنْ دَرَجَةِ غَيْرِهِ فِيهَا، وَحِكْمَةُ الْقِرَاءَتَيْنِ، إِثْبَاتُ الْمَعْنَيَيْنِ، فَالْعِلْمُ النَّظَرِيُّ دَرَجَةُ كَمَالٍ، وَالْحِكْمَةُ الْعِلْمِيَّةُ وَالْعَمَلِيَّةُ دَرَجَتَا كَمَالٍ، وَفَصْلُ الْخِطَابِ وَقُوَّةُ الْعَارِضَةِ فِي الْحِجَاجِ مِنْ دَرَجَاتِ الْكَمَالِ، وَالسِّيَادَةِ وَالْحُكْمُ بِالْحَقِّ دَرَجَةُ كَمَالٍ، وَالنُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ أَعْلَى مِنْ كُلِّ هَذِهِ الدَّرَجَاتِ ; لِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهَا وَتَزِيدُ عَنْهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ مُتَفَاوِتٌ بِفَضْلِ اللهِ فَضَّلَ بَعْضَ أَهْلِهِ عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ سُبْحَانُهُ يُؤْتِي الدَّرَجَاتِ ابْتِدَاءً بِإِعْدَادِهِ وَبِتَوْفِيقِهِ مَنْ يَشَاءُ لِلْكَسْبِيِّ مِنْهَا، وَاخْتِصَاصِهِ مَنْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 485
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست