responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 468
وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ مَنْظَرًا وَأَبْهَى نُورًا مِنَ الْأَرْضِ، قَالَ مُسْمِعًا مَنْ حَوْلِهِ مِنْ قَوْمِهِ: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي الَّذِي خَلَقَنِي إِلَى الْعِبَادَةِ الَّتِي تُرْضِيهِ بِإِعْلَامٍ خَاصٍّ مِنْ لَدُنْهُ لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ عَمَّا يَجِبُ أَنْ يُعْبَدَ بِهِ، فَيَتَّبِعُونَ فِيهِ أَهْوَاءَهُمْ أَوِ اجْتِهَادَهُمْ، فَلَا يَكُونُونَ عَابِدِينَ لَهُ بِمَا يُرْضِيهِ، وَلَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ ضَالٍّ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ أَوِ الْكَوَاكِبَ، بَلْ هَذَا تَعْرِيضٌ آخَرُ بِضَلَالِ قَوْمِهِ يُقْرُبُ مِنَ التَّصْرِيحِ، وَإِرْشَادٌ إِلَى تَوَقُّفِ هِدَايَةِ الدِّينِ عَلَى الْوَحْيِ الْإِلَهِيِّ.
قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي " الِانْتِصَافِ ": وَالتَّعْرِيضُ بِضَلَالِهِمْ ثَانِيًا أَصْرَحُ وَأَقْوَى مِنْ قَوْلِهِ: " لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ " وَإِنَّمَا تَرَقَّى فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْخُصُومَ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ بِالِاسْتِدْلَالِ الْأَوَّلِ حُجَّةٌ فَأَنِسُوا بِالْقَدْحِ فِي مُعْتَقَدِهِمْ، وَلَوْ قِيلَ هَذَا فِي الْأَوَّلِ فَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يَنْفِرُونَ وَلَا يَصْغُونَ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ، فَمَا عَرَّضَ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - بِأَنَّهُمْ فِي ضَلَالَةٍ إِلَّا بَعْدَ أَنْ وَثِقَ بِإِصْغَائِهِمْ إِلَى إِتْمَامِ الْمَقْصُودِ وَاسْتِمَاعِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ تَرَقَّى
النَّوْبَةَ الثَّالِثَةَ إِلَى التَّصْرِيحِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ، وَالتَّقْرِيعِ بِأَنَّهُمْ عَلَى شِرْكٍ بَيِّنٍ، ثُمَّ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَتَبَلَّجَ الْحَقُّ، وَبَلَغَ مِنَ الظُّهُورِ غَايَةَ الْمَقْصُودِ. انْتَهَى. وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي) أَيْ قَالَ مُشِيرًا إِلَيْهَا عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا فِيمَا قَبْلَهُ: هَذَا الَّذِي أَرَى الْآنَ أَوِ الَّذِي أُشِيرُ إِلَيْهِ رَبِّي. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: جَعَلَ الْمُبْتَدَأَ مِثْلَ الْخَبَرِ بِكَوْنِهِمَا عِبَارَةً عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ، كَقَوْلِهِمْ: مَا جَاءَتْ حَاجَتُكَ، وَمَنْ كَانَتْ أُمُّكَ. (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنَّ قَالُوا) وَكَانَ اخْتِيَارُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَاجِبًا لِصِيَانَةِ الرَّبِّ عَنْ شُبْهَةِ التَّأْنِيثِ، أَلَا تَرَاهُمْ قَالُوا فِي صِفَةِ اللهِ: عَلَّامٌ، وَلَمْ يَقُولُوا عَلَّامَةٌ - وَإِنْ كَانَ الْعَلَّامَةُ أَبْلَغَ - احْتِرَازًا مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ. انْتَهَى. وَجَوَّزَ أَبُو حَيَّانَ أَنْ يَكُونَ تَذْكِيرُ الْإِشَارَةِ إِلَى الشَّمْسِ حِكَايَةً لِمَا قِيلَ بِلُغَةِ الْعَجَمِ، وَأَكْثَرُ لُغَاتِهِمْ لَا تُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ فِي الْإِشَارَةِ وَلَا فِي الضَّمَائِرِ. وَنُوقِشَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ مُقْتَضَى الْحِكَايَةِ، وَفِي دَعْوَى كَوْنِ لُغَةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ تِلْكَ الْأَعْجَمِيَّةِ، وَقَدْ سَبَقَ لَنَا الْقَوْلُ بِأَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ مَمْزُوجَةٌ، عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْأَعَاجِمِ يُذَكِّرُونَ الشَّمْسَ وَيُؤَنِّثُونَ الْقَمَرَ. وَسَيَأْتِي فِيمَا نَذْكُرُ مِنْ عَقَائِدِ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ لِلشَّمْسِ زَوْجَةً.
وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ -: (هَذَا أَكْبَرُ) فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِإِظْهَارِ النَّصَفَةِ لِلْقَوْمِ، وَمُبَالَغَةٌ فِي تِلْكَ الْمُجَارَاةِ الظَّاهِرَةِ لَهُمْ، وَتَمْهِيدٌ قَوِيٌّ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ عَلَيْهِمْ، وَاسْتِدْرَاجٍ لَهُمْ إِلَى التَّمَادِي فِي الِاسْتِمَاعِ بَعْدَ ذَلِكَ التَّعْرِيضِ الَّذِي كَانَ يَخْشَى أَنْ يَصُدَّهُمْ عَنْهُ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا أَكْبَرُ مِنَ الْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ قَدْرًا، وَأَعْظَمُ ضِيَاءً وَنُورًا، فَهُوَ إِذًا أَجْدَرُ مِنْهُمَا بِالرُّبُوبِيَّةِ، إِنْ كَانَ الْمَدَارُ فِيهَا عَلَى التَّفَاضُلِ وَالْخُصُوصِيَّةِ.
(فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) أَيْ فَلَمَّا أَفَلَتْ كَمَا أَفَلَ غَيْرُهَا، وَاحْتَجَبَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 468
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست