responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 442
قُلُوبَنَا وَنُوَجِّهَهَا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ بِالْإِذْعَانِ وَالْخُضُوعِ لِدِينِهِ وَالْإِخْلَاصِ فِي عِبَادَتِهِ، إِذْ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ مِنَ الْعِبَادِ إِلَّا رَبُّهُمُ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَغَذَّاهُمْ بِنِعَمِهِ (وَثَانِيهِمَا) أَنَّهَا لِلْمَصْدَرِيَّةِ، أَيْ وَأُمِرْنَا بِأَنْ نُسْلِمَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ رُوِيَ الْقَوْلُ بِتَأْوِيلِ الْفِعْلِ بِالْمَصْدَرِ هُنَا وَفِي مِثْلِ (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) (4: 26) (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) (5: 6) إِلَخْ. عَنِ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَمِنْ تَابَعَهُمَا. وَصَرَّحَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ بِأَنَّ اللَّامَ تَكُونُ حَرْفًا مَصْدَرِيًّا بَعْدَ الْفِعْلِ، مِنَ الْأَمْرِ وَالْإِرَادَةِ خَاصَّةً. وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْجَهُ وَأَظْهَرُ.
(وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ) أَيْ أُمِرْنَا بِأَنْ نُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَبِأَنْ أَقِيمُوا وَاتَّقُوهُ، أَيْ قِيلِ لَنَا ذَلِكَ، وَقَدَّرَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا بِالْإِسْلَامِ وَبِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَالتَّقْوَى، وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ: الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ، وَهُوَ كَوْنُهَا تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَتُزَكِّي النَّفْسَ بِمُنَاجَاةِ اللهِ وَذِكْرِهِ (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) (29: 45) وَلَمْ يَكُنْ شُرِعَ عِنْدَ نُزُولِ السُّورَةِ زَكَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا حَجٌّ، وَالتَّقْوَى: اتِّقَاءُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُخَالَفَةِ دِينِ اللهِ وَشَرْعِهِ وَتَنَكُّبِ سُنَنِهِ فِي خَلْقِهِ مِنْ ضَرَرٍ وَفَسَادٍ، فَهَذَا أَوْسَعُ مَعْنًى مِنْ تَفْسِيرِهَا بِامْتِثَالِ الْأَمْرِ وَاجْتِنَابِ النَّهْيِ (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أَيْ تُجْمَعُونَ وَتُسَاقُونَ إِلَى لِقَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دُونَ غَيْرِهِ، فَيُحَاسِبُكُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ، وَيُجَازِيكُمْ عَلَيْهَا. وَإِذَا كَانَ الْحَشْرُ إِلَيْهِ وَحْدَهُ، وَالْجَزَاءُ بِيَدِهِ وَحْدَهُ، فَمِنَ الْجُنُونِ أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُهُ وَيُدْعَى، أَوْ يُخَافَ أَوْ يُرْجَى.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) أَيْ خَلَقَهُمَا بِالْأَمْرِ الثَّابِتِ الْمُتَحَقِّقِ، وَهُوَ آيَاتُهُ الْقَائِمَةُ بِالسُّنَنِ الْمُطَّرِدَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِهِ وَصِفَاتِهِ الْكَامِلَةِ، فَلَمْ يَخْلُقْهُمَا بَاطِلًا وَلَا عَبَثًا، فَإِذًا لَا يَتْرُكُ النَّاسَ سُدًى، بَلْ يَجْزِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى.
(وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ) أَيْ وَقَوْلُهُ هُوَ الْحَقُّ يَوْمَ يَقُولُ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ، وَهُوَ وَقْتُ الْإِيجَادِ وَالتَّكْوِينِ، فَلَا مَرَدَّ لِأَمْرِهِ التَّكْوِينِيِّ وَلَا تَخَلُّفَ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ الْإِسْلَامُ وَالْخُضُوعُ لِأَمْرِهِ التَّكْلِيفِيِّ بِلَا حَرَجٍ فِي النَّفْسِ وَلَا تَكَلُّفٍ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ حَقٌّ، وَالْخَلْقَ حَقٌّ (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)
(7: 45) .
(وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) وَيَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، فَإِذَا كَانَ لِغَيْرِهِ مُلْكٌ مَا فِي الدُّنْيَا بِمُقْتَضَى سُنَنِهِ الْمُقَدَّرَةِ، وَشَرِيعَتِهِ الْمُقَرَّرَةِ، فَلَا تَمْلِكُ يَوْمَئِذٍ نَفْسٌ مَا مَهْمَا تَكُنْ مُكْرَمَةً لِنَفْسٍ مَا مَهْمَا تَكُنْ قَرِيبَةً أَوْ مَقَرَّبَةً - شَيْئًا مَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، أَوْ نَفْعٍ أَوْ ضُرٍّ، وَإِنَّمَا الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ وَحْدَهُ. فَكَيْفَ يَدْعُو مَنْ هَدَاهُ إِلَى هَذِهِ الْحَقَائِقِ غَيْرَهُ مَنْ دُونِهِ فَيُرَدَّ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَيَرْجِعَ إِلَى شَرِّ حَالَيْهِ! وَالصُّورُ فِي اللُّغَةِ: الْقَرْنُ، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ فِي اللِّسَانِ بِقَوْلِ الرَّاجِزِ:
لَقَدْ نَطَحْنَاهُمْ غَدَاةَ الْجَمْعَيْنِ ... نَطْحًا شَدِيدًا لَا كَنَطْحِ الصُّورَيْنِ
وَقَدْ ثَقَبَ النَّاسُ قُرُونَ الْوُعُولِ وَالظِّبَاءِ وَغَيْرِهَا فَجَعَلُوا مِنْهَا أَبْوَاقًا يَنْفُخُونَ فِيهَا فَيَكُونُ لَهَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 442
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست