responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 380
الَّذِينَ تَمَكَّنَ الظُّلْمُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَحَاطَ بِهَا، فَلَا رَجَاءَ بِرُجُوعِهِمْ عَنْهُ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْحَقِّ وَالْعَدْلِ، وَبِمَنْ أَلَمَّ بِهِمُ الظُّلْمُ أَوْ أَلَمُّوا بِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَمْحُ نُورَ الْفِطْرَةِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يَذْهَبْ بِاسْتِعْدَادِهِمْ لِلِاهْتِدَاءِ إِلَى الْحَقِّ الَّذِي أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمَ بِالظَّالِمِينَ لَمْ يَجْعَلْ أَمْرَ عِقَابِهِمْ إِلَيَّ، فَهُوَ عِنْدَهُ لَا عِنْدِي، وَلِكُلٍّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ، يَرَاهُ قَرِيبًا وَتَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَأَيَّامُهُ تَعَالَى فِي عَالَمِ التَّكْوِينِ وَشُئُونِ الْأُمَمِ لَيْسَتْ قَصِيرَةً كَأَيَّامِنَا بَلْ طَوِيلَةً (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) (22: 47، 48) فَهُوَ لَا يُؤَخِّرُ مَا وَعَدَ بِهِ إِلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى عِنْدَهُ إِلَّا لِحِكْمَةٍ (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجْلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) (7: 34) .
هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا فِي قَضَاءِ الْأَمْرِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ مَا يَسْتَعْجِلُونَ بِهِ فِي مَكِنَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إِنْ كَانَ يُهْلِكُهُمْ كُلُّهُمْ كَمَا هَلَكَتِ الْأُمَمُ الَّتِي كَذَّبَتِ الرُّسُلَ مِنْ قَبْلِهِمْ، أَيْ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِمَا يَقْضِي مِنَ الْأَمْرِ هُنَا عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ وَلَا عَذَابَ الْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ
اسْتَعْجَلُوا كُلًّا مِنْهُمَا، بَلْ نَصْرَ الرَّسُولَ عَلَيْهِمْ. وَفِي قَوْلِهِ: (لَقُضِيَ الْأَمْرُ) بِإِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى الْمَفْعُولِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُضِيَ لَمَا قُضِيَ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ.
(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) .

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 380
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست