responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 331
(ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) أَيْ ثُمَّ يُبْعَثُ أُولَئِكَ الْأُمَمُ مِنَ النَّاسِ وَالْحَيَوَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُسَاقُونَ مُجْتَمِعِينَ إِلَى رَبِّهِمُ الْمَالِكِ لِأَمْرِهِمْ لَا إِلَى غَيْرِهِ، فَيُحَاسِبُ كُلًّا عَلَى مَا فَعَلَ، وَيَقْتَصُّ لِلْمَظْلُومِ مِمَّنْ ظَلَمَ، وَإِنَّمَا حَسُنَ عَوْدُ ضَمِيرَيِ الْغَيْبَةِ فِي رَبِّهِمْ وَفِي يُحْشَرُونَ إِلَى الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ وَالنَّاسِ جَمِيعًا ; لِأَنَّهُ خَبَرٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى عُطِفَ عَلَى خِطَابِ النَّاسِ وَغَلَبَ فِيهِ ضَمِيرُ الْأَشْرَفِ، وَإِذَا جُعِلَ مِنْ جُمْلَةِ الْخِطَابِ تَعَيَّنَ رُجُوعُ الضَّمِيرَيْنِ إِلَى الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ، وَنُكْتَةُ جَعْلِهِمَا مِنْ ضَمَائِرِ الْعُقَلَاءِ حِينَئِذٍ تَشْبِيهُ أُمَمِهَمَا بِأُمَمِ الْبَشَرِ، وَذَلِكَ إِجْرَاءٌ لَهُمَا مَجْرَى الْعُقَلَاءِ وَيُؤَيِّدُ حَشْرَ تِلْكَ الْأُمَمِ كُلِّهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (81: 5) وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَابْنِ جَرِيرٍ " أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَنَزَيْنِ يَنْتَطِحَانِ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَنْتَطِحَانِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا " وَفِي رِوَايَةٍ " أَتَدْرُونَ فِيمَ انْتَطَحَا؟ قُلْنَا: لَا " وَزَادَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ: وَلَقَدْ تَرَكَنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا يَقْلِّبُ طَائِرٌ جَنَاحَيْهِ إِلَّا ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْمًا، وَالْحَدِيثُ مَرْوِيٌّ مِنْ طَرِيقِ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَلَكِنْ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ شُيُوخٍ لَمْ يَسْمَعُوا، وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى كَوْنِ عِلْمِ الْحَيَوَانِ مِنْ عِلْمِ الْهِدَايَةِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الْإِسْلَامِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ فَائِدَتِهِ آنِفًا.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَالْخَطِيبُ فِي تَالِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي زِيَادَةَ الْبَكْرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنَيْ بِشْرٍ الْمَازِنِيَّيْنِ صَاحِبَيْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَرْحَمُكُمَا اللهُ، الرَّجُلُ مِنَّا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ فَيَضْرِبُهَا بِالسَّوْطِ أَوْ يَكْبَحُهَا بِاللِّجَامِ، فَهَلْ سَمِعْتُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ شَيْئًا؟ فَقَالَا: لَا، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَنَادَتْنِي امْرَأَةٌ مِنَ الدَّاخِلِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا هَذَا، إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ. . .) الْآيَةَ. فَقَالَا هَذِهِ أُخْتُنَا، وَهِيَ أَكْبَرُ مِنَّا، وَقَدْ أَدْرَكَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَهَذِهِ الصَّحَابِيَّةُ اسْتَدَلَّتْ بِالْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ الرِّفْقِ وَالرَّحْمَةِ بِالدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى يُحَاسِبُ النَّاسَ عَلَى ظُلْمِهِمْ لَهَا يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ " مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا إِلَّا سَأَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَذَكَرَ أَنَّ حَقَّهَا أَكْلُهَا، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَحَدِيثُ " إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتُهُ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ مَرْفُوعًا، وَأَخْرَجَ رُوَاةُ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ " إِنَّ اللهَ يَحْشُرُ هَذِهِ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَقْتَصُّ لِبَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ حَتَّى يَقْتَصَّ لِلْجَلْحَاءِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست