responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 294
وَعْدًا خَبَرِيًّا مُؤَكَّدًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَى مَا يَتَمَنَّوْنَ، وَأَمَّا إِذَا جَعَلْنَا " وَلَا نُكَذِّبَ " إِلَخْ جُمْلَةً حَالِيَّةً وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ فَإِنَّهَا تَصْدُقُ بِحُصُولِ كُلٍّ
مِنْ عَدَمِ التَّكْذِيبِ وَالْإِيمَانِ قَبْلَ الرَّدِّ إِلَى الدُّنْيَا. فَلَا يَكُونُ التَّمَنِّي مُتَعَلِّقًا بِهِمَا لِذَاتِهِمَا لِأَنَّهُمَا حَاصِلَانِ وَالْحَاصِلُ لَا يُتَمَنَّى وَإِنَّمَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِالرَّدِّ الْمُصَاحِبِ لَهُمَا، الَّذِي تَمَنَّى وُقُوعَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِمَا، وَذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ خَبَرِيٍّ وَلَا إِنْشَائِيٍّ بِهِمَا; لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَا يُوعَدُ بِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُتَمَنَّى. وَقَدْ بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرِ (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) (4: 43) - الْآيَةَ - الْفَرْقَ بَيْنَ الْحَالِ الْمُفْرَدَةِ وَالْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي مَضْمُونِ الْحَالِيَّةِ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا لِلْفِعْلِ الْعَامِلِ فِي الْحَالِ. وَهَؤُلَاءِ رَجَعُوا عَنِ التَّكْذِيبِ عِنْدَ وَقْفِهِمْ عَلَى النَّارِ وَحَصَلَ لَهُمُ الْإِيمَانُ الْقَاطِعُ بِصِدْقِ الرَّسُولِ فَتَمَنَّوْا أَنْ يَعُودُوا إِلَى الدُّنْيَا مُصَاحِبِينَ لِذَلِكَ، فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِي الْجُمْلَةِ إِنَّ عَدَمَ التَّكْذِيبِ وَالْإِيمَانَ دَاخِلَانِ تَحْتَ حُكْمِ التَّمَنِّي مِنْ حَيْثُ اشْتِرَاطِهِمَا فِيهِ، لَا أَنَّهُمَا مُتَمَنَّيَانِ كَالرَّدِّ سَوَاءٌ.
وَأَمَّا قِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَحَفْصٍ بِنَصْبِ الْفِعْلَيْنِ فَقِيلَ: إِنَّهُ عَلَى جَوَابِ التَّمَنِّي، وَقِيلَ: إِنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ كَقَوْلِهِمْ: لَا تَأْكُلُ السَّمَكَ وَتَشْرَبَ اللَّبَنَ. وَقِيلَ: إِنَّهَا أُجْرِيَتْ مَجْرَى فَاءَ السَّبَبِيَّةِ أَوْ أُبْدِلَتْ مِنْهَا وَأَيَّدُوهُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ " فَلَا نُكَذِّبَ " وَقِيلَ: إِنَّ الْعَطْفَ عَلَى مَصْدَرٍ مُتَوَهَّمٍ، أَيْ يَا لَيْتَ لَنَا رَدًّا وَانْتِفَاءَ تَكْذِيبٍ وَكَوْنًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَعَلَى التَّوْجِيهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ يَدْخُلُ مَا ذُكِرَ فِي حُكْمِ التَّمَنِّي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَجَّهْنَا بِهِ جَعْلَ الْجُمْلَةِ حَالِيَّةً فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَظَاهِرُ التَّوْجِيهِ الثَّالِثِ تَعَلُّقُ التَّمَنِّي بِالْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ عَلَى سَوَاءٍ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ تَوْجِيهِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ تَوْجِيهُ قِرَاءَةِ ابْنِ عَامِرٍ أَيْضًا.
وَلَعَلَّ حِكْمَةَ اخْتِلَافِ الْقِرَاءَاتِ بَيَانُ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ فِي تَمَنِّيهِمْ: بِأَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يُرَدَّ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنْ يَكُونَ فِيهَا غَيْرَ مُكَذِّبٍ بِآيَاتِ اللهِ الْكَوْنِيَّةِ وَالْمُنَزَّلَةِ وَأَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَمَنَّى الرَّدَّ مُصَاحِبًا لِمَا حَدَثَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ النَّدَمِ عَلَى التَّكْذِيبِ وَمِنَ الْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، إِذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الرَّدِّ وَبَقَاءِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْحَادِثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَمَنَّاهُ لِيَكُونَ سَبَبًا لِلْإِيمَانِ وَعَدَمِ التَّكْذِيبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعِدُ بِذَلِكَ وَعْدًا، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّاتِ ذَلِكَ التَّمَنِّي أَقْرَبُ إِلَى الْحُصُولِ مِنَ اتِّفَاقِ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ الْكَثِيرِينَ عَلَى كَيْفِيَّةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ اخْتِلَافِ الْقِرَاءَاتِ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمَعْهُودُ مِنَ الْبَشَرِ. وَلَعَلَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ ذَلِكَ جَاهِلِينَ أَنَّهُ مُحَالٌ، عَلَى أَنَّ النَّاسَ يَتَمَنَّوْنَ الْمُحَالَ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّحَسُّرِ.
قَالَ تَعَالَى مُبَيِّنًا كُنْهَ حَالِهِمْ وَمَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ وَمَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا لَوْ رُدُّوا إِلَيْهَا: (بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) قَالُوا: إِنَّ الْإِضْرَابَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِضْرَابٌ عَمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَمَنِّيهِمْ مِنْ إِدْرَاكِهِمْ لِقُبْحِ الْكُفْرِ وَسُوءِ مَغَبَّتِهِ، وَلِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 294
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست