responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 258
وَالْعَذَابُ الَّذِي يُعَذِّبُ اللهُ بِهِ الْأُمَمَ وَيُهْلِكُ الْقُرُونَ وَيُدِيلُ الدُّوَلَ قِسْمَانِ أَيْضًا. الْجَوَائِحُ وَالِاسْتِئْصَالُ، وَفَقْدُ الِاسْتِقْلَالِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا وَذَاكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ رَدٌّ عَلَى كُفَّارِ مَكَّةَ وَهَدْمٌ لِغَرُورِهِمْ بِقُوَّتِهِمْ وَثَرْوَتِهِمْ بِإِزَاءِ ضَعْفِ عَصَبِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَقْرِهِ، وَقَدْ حَكَى اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ
أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (34: 35) .
أَمَّا الْقَوْمُ أَوِ الْقَرْنُ الْآخَرُونَ الَّذِينَ يَخْلُفُونَ مَنْ نَزَلَ بِهِمْ عَذَابُ اللهِ تَعَالَى، فَهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونُوا مُخَالِفِينَ لَهُمْ فِي صِفَاتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ جِبِلَّتِهِمْ وَأَبْنَاءِ جِيلِهِمْ، فَالشُّعُوبُ الَّتِي نُكِبَتْ بِالْحَرْبِ الْمُشْتَعِلَةِ الْآنَ فِي أُورُبَّا لَا بُدَّ أَنْ يَخْلُفَ الْهَالِكِينَ فِيهَا خَلَفٌ يَتْرُكُونَ كَثِيرًا مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ بِاللهِ وَكُفْرِ نِعَمِهِ، وَيَكُونُوا أَقَلَّ مِنْهُمْ بَطَرًا وَقَسْوَةً وَانْغِمَاسًا فِي التَّرَفِ وَالسَّرَفِ وَمَا يَنْشَأُ عَنْهُمَا مِنَ الْفِسْقِ وَالْفُجُورِ، قَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ سُورَةِ الْقِتَالِ: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (47: 38) .
(وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظُرَونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ) .
بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ الثَّلَاثَ الْأُولَى مِنْهَا قَدْ أَرْشَدَتْ إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْبَعْثِ وَالْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِمَا، وَأَنَّ الثَّلَاثَ الَّتِي بَعْدَهَا أَرْشَدَتْ إِلَى سَبَبِ تَكْذِيبِ قُرَيْشٍ بِذَلِكَ وَهُوَ الْحَقُّ الْمُبَيَّنُ بِالدَّلِيلِ، وَأَنْذَرَتْهُمْ عَاقِبَةَ هَذَا التَّكْذِيبِ، وَهُوَ مَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَحُولُ دُونَهُ مَا هُمْ مَغْرُورُونَ بِهِ مِنْ قُوَّتِهِمْ وَضَعْفِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَمَكُّنِهِمْ فِي أَرْضِ مَكَّةَ وَهِيَ أُمُّ الْقُرَى وَأَهْلُهَا قُدْوَةُ الْعَرَبِ. وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ شُبَهَاتِ أُولَئِكَ الْجَاحِدِينَ الْمُعَانِدِينَ عَلَى الْوَحْيِ وَبِعْثَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَمَّ بِهَا بَيَانُ أَسْبَابِ جُحُودِهِمْ بِأَرْكَانِ الْإِيمَانِ كُلِّهَا كَمَا سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست