responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 251
(وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ) .
أَرْشَدَتِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ السَّابِقَةُ إِلَى دَلَائِلِ وَحْدَانِيَّةِ اللهِ تَعَالَى فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ، وَأَنَّهَا عَلَى ظُهُورِهَا لَمْ تَمْنَعِ الْكَافِرِينَ مِنَ الشِّرْكِ فِي الْأُلُوهِيَّةِ، وَأَرْشَدَتِ إِلَى دَلَائِلِ الْبَعْثِ وَإِلَى أَنَّهَا عَلَى قُوَّتِهَا لَمْ تَمْنَعِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الشَّكِّ فِيهِ، وَبَيَّنَتِ الثَّالِثةُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا وَلَا يُنْكِرُونَهَا هُوَ اللهُ فِي عَالَمَيِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، الْمُحِيطُ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَّخَذَ مَعَهُ إِلَهٌ فِيهَا. وَلَكِنَّ الْمُشْرِكِينَ جَهِلُوا ذَلِكَ فَجَوَّزُوا أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الرَّبِّ إِلَهًا وَعَبَدُوا مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى فَبَيَّنَ لَهُمُ الْوَحْيُ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ اللهَ الَّذِي يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُ هُوَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ هُوَ الْإِلَهُ الْمَعْبُودُ بِالْحَقِّ فِيهِنَّ ثُمَّ أَرْشَدَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ اللَّاحِقَةُ إِلَى سَبَبِ عَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ بِالْوَحْيِ، وَأَنْذَرَتْهُمْ عَاقِبَةَ التَّكْذِيبِ بِالْحَقِّ، وَيَتْلُو ذَلِكَ فِي الْآيَاتِ الَّتِي بَعْدَهُنَّ كَشْفُ شُبُهَاتِهِمْ عَلَى الْوَحْيِ وَبَعْثَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَيَكُونُ الْكَلَامُ فِي أُصُولِ الدِّينِ كُلِّهَا وَكُلُّ السُّورَةِ تَفْصِيلٌ لَهُ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) أَيْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَدِلُّوا بِمَا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى مِنَ الْبَيِّنَاتِ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَلَا بِمَا ذَكَرَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْبَعْثِ وَلَمْ يَنْظُرُوا فِيمَا يَسْتَلْزِمُهُ كَوْنُهُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ، الْمُحِيطُ عِلْمُهُ بِالسِّرِّ وَالْجَهْرِ وَكَسْبِ الْعَبْدِ، بَلْ يُعْطَفُ عَلَى هَذَا وَيُزَادُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ أَضَافُوا إِلَى عَدَمِ الِاهْتِدَاءِ بِالْآيَاتِ الثَّابِتَةِ الدَّائِمَةِ الَّتِي يَرَوْنَهَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ عَدَمَ الِاهْتِدَاءِ بِالْآيَاتِ الْمُتَجَدِّدَةِ الَّتِي تَهْدِيهِمْ إِلَى تِلْكَ وَتُبَيِّنُ لَهُمْ وَجْهَ دَلَالَتِهَا وَهِيَ آيَاتُ الْقُرْآنِ الْمُرْشِدَةُ إِلَى آيَاتِ الْأَكْوَانِ، وَالْمُثْبِتَةُ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَفِي مَعْنَاهَا كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا تَأْتِيهِمْ آيَةٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ إِلَّا كَانُوا مُعْرِضِينَ عَنْهَا، غَيْرَ مُتَدَبِّرِينَ لِمَعْنَاهَا، وَلَا نَاظِرِينَ فِيمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ وَتَسْتَلْزِمُهُ فَيَهْتَدُوا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست