responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 242
الْمَائِدَةِ (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ) عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ، افْتَتَحَ جَلَّ شَأْنُهُ هَذِهِ السُّورَةَ بِشَرْحِ ذَلِكَ وَتَفْصِيلِهِ، فَبَدَأَ سُبْحَانَهُ بِذِكْرِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَضَمَّ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنَّهُ جَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ وَهُوَ بَعْضُ مَا تَضَمَّنَهُ مَا فِيهِنَّ، ثُمَّ ذَكَرَ عَزَّ اسْمُهُ أَنَّهُ خَلَقَ النَّوْعَ الْإِنْسَانِيَّ وَقَضَى لَهُ أَجَلًا وَجَعَلَ لَهُ أَجَلًا آخَرَ لِلْبَعْثِ، وَأَنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مُنْشِئُ الْقُرُونِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) إِلَخْ. فَأَثْبَتَ لَهُ مِلْكَ جَمِيعِ الْمَظْرُوفَاتِ لِظَرْفِ الْمَكَانِ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) فَأَثْبَتَ أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا مَلَكَ جَمِيعَ الْمَظْرُوفَاتِ
لِظَرْفِ الزَّمَانِ، ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ خَلْقَ سَائِرِ الْحَيَوَانِ مِنَ الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ، ثُمَّ خَلْقَ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ وَالْمَوْتِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَثْنَاءِ السُّورَةِ مِنَ الْإِنْشَاءِ وَالْخَلْقِ لِمَا فِيهِنَّ مِنَ النَّيِّرَيْنِ وَالنُّجُومِ وَفَلْقِ الْإِصْبَاحِ وَفَلْقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَإِنْزَالِ الْمَاءِ وَإِخْرَاجِ النَّبَاتِ وَالثِّمَارِ بِأَنْوَاعِهَا وَإِنْشَاءِ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرِ مَعْرُوشَاتٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَفْصِيلُ مَا فِيهِنَّ.
" وَذَكَرَ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ وَجْهًا آخَرَ فِي الْمُنَاسَبَةِ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (5: 87) إِلَخْ. وَذَكَرَ جَلَّ شَأْنُهُ بَعْدَهُ (مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) إِلَخْ. فَأَخْبَرَ عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ حَرَّمُوا أَشْيَاءَ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ تَعَالَى افْتِرَاءً عَلَى اللهِ عَزَّ شَأْنُهُ، وَكَانَ الْقَصْدُ بِذَلِكَ تَحْذِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُحَرِّمُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَيُشَابِهُوا الْكُفَّارَ فِي صُنْعِهِمْ، وَكَانَ ذِكْرُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ سَاقَ جَلَّ جَلَالُهُ هَذِهِ السُّورَةَ لِبَيَانِ حَالِ الْكُفَّارِ فِي صُنْعِهِمْ فَأَتَى بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَبْيَنِ وَالنَّمَطِ الْأَكْمَلِ، ثُمَّ جَادَلَهُمْ فِيهِ وَأَقَامَ الدَّلَائِلَ عَلَى بُطْلَانِهِ وَعَارَضَهُمْ وَنَاقَضَهُمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةُ، فَكَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ شَرْحًا لِمَا تَضَمَّنَتْهُ تِلْكَ السُّورَةُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ وَتَفْصِيلًا وَبَسْطًا وَإِتْمَامًا وَإِطْنَابًا، وَافْتُتِحَتْ بِذِكْرِ الْخَلْقِ وَالْمُلْكِ; لِأَنَّ الْخَالِقَ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مُلْكِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ إِبَاحَةً وَمَنْعًا وَتَحْرِيمًا وَتَحْلِيلًا، فَيَجِبُ أَلَّا يُعْتَرَضَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مُلْكِهِ.
" وَلِهَذِهِ السُّورَةِ أَيْضًا اعْتِلَاقٌ مِنْ وَجْهٍ بِالْفَاتِحَةِ لِشَرْحِهَا إِجْمَالَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (رَبِّ الْعَالَمِينَ) وَبِالْبَقَرَةِ لِشَرْحِهَا إِجْمَالَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ (الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) (2: 21) وَقَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ: (الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) (2: 29) وَبِآلِ عِمْرَانَ مِنْ جِهَةِ تَفْصِيلِهَا لِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: (وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ) (3: 14) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) (3: 185) إِلَخْ. وَبِالنِّسَاءِ مِنْ جِهَةِ مَا فِيهَا مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ وَالتَّقْبِيحِ لِمَا حَرَّمُوهُ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وَقَتْلِ الْبَنَاتِ، وَبِالْمَائِدَةِ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالِهَا عَلَى الْأَطْعِمَةِ بِأَنْوَاعِهَا.
" وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ لَمَّا كَانَ قُطْبُ هَذِهِ السُّورَةِ دَائِرًا عَلَى إِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَدَلَائِلِ التَّوْحِيدِ حَتَّى قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: إِنَّ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ كُلَّ قَوَاعِدِ التَّوْحِيدِ نَاسَبَتْ تِلْكَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست