responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 211
بِمَا يُوجِبُهُ الْإِيمَانُ مِنَ الْعَمَلِ وَالتَّوَكُّلِ عَسَى أَنْ يُعْطِيَكُمْ ذَلِكَ، مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (65: 2، 3) .
(قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ) أَيْ نَطْلُبُهَا لِأَرْبَعِ فَوَائِدَ (إِحْدَاهَا) : أَنَّنَا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا لِأَنَّنَا فِي حَاجَةٍ إِلَى الطَّعَامِ، وَلَا نَجِدُ مَا يَسُدُّ حَاجَتَنَا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَكَلُ التَّبَرُّكِ. (الثَّانِيَةُ) : نُرِيدُ أَنْ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا بِمَا نُؤْمِنُ بِهِ مِنْ قُدْرَةِ اللهِ بِمُشَاهَدَةِ خَرْقِهِ لِلْعَادَةِ، أَيْ بِضَمِّ عِلْمِ الْمُشَاهَدَةِ وَاللَّمْسِ وَالذَّوْقِ وَالشَّمِّ إِلَى عِلْمِ السَّمْعِ مِنْكَ وَعِلْمِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ. (الثَّالِثَةُ) : أَنْ نَعْلَمَ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْعِلْمِ أَيْ عِلْمِ الْمُشَاهَدَةِ أَنَّ الْحَالَ وَالشَّأْنَ مَعَكَ هُوَ أَنَّكَ قَدْ صَدَقْتَنَا مَا وَعَدْتَنَا مِنْ ثَمَرَاتِ الْإِيمَانِ، كَاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَلَوْ بِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ. (الرَّابِعَةُ) : أَنْ نَكُونَ مِنَ الشَّاهِدِينَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيُؤْمِنُ الْمُسْتَعِدُّ لِلْإِيمَانِ وَيَزْدَادُ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا فَهَذَا مَا نَرَاهُ فِي تَوْجِيهِ أَقْوَالِهِمْ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ صِحَّةِ إِيمَانِهِمْ.
(قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ) أَيْ لَمَّا عَلِمَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ صِحَّةَ قَصْدِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ تَعْجِيزًا وَلَا تَجْرِبَةً دَعَا اللهَ تَعَالَى بِهَذَا الدُّعَاءِ،
فَنَادَاهُ بِاسْمِ الذَّاتِ الْجَامِعِ لِمَعْنَى الْأُلُوهِيَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ وَالرَّحْمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَقَالَ: (اللهُمَّ) وَمَعْنَاهُ يَا اللهُ، ثُمَّ بِاسْمِ الرَّبِّ الدَّالِّ عَلَى مَعْنَى الْمُلْكِ وَالتَّدْبِيرِ وَالتَّرْبِيَةِ وَالْإِحْسَانِ خَاصَّةً فَقَالَ: (رَبَّنَا) أَيْ يَا رَبَّنَا وَمَالِكَنَا كُلِّنَا وَمُتَوَلِّي أُمُورِنَا وَمُرَبِّينَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً سَمَاوِيَّةً، جُثْمَانِيَّةً أَوْ مَلَكُوتِيَّةً، يَرَاهَا هَؤُلَاءِ الْمُقْتَرِحُونَ بِأَبْصَارِهِمْ، وَتَتَغَذَّى بِهَا أَبْدَانُهُمْ أَوْ أَرْوَاحُهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: مِنَ السَّمَاءِ، لَشَمَلَ الطَّلَبُ إِعْطَاءَهُمْ مَائِدَةً مِنَ الْأَرْضِ وَلَوْ بِطَرِيقَةٍ عَادِيَّةٍ، فَإِنَّ كُلَّ مَا يُعْطَى مِنَ اللهِ تَعَالَى يُسَمَّى إِنْزَالًا لِتَحَقُّقِ مَعْنَى الْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ غَيْرِ الْمُقَيَّدِ بِجِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، فَإِنَّهُ هُوَ الْعَلِيُّ الْقَاهِرُ فَوْقَ جَمِيعِ عِبَادِهِ.
ثُمَّ وَصَفَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ الْمَائِدَةَ بِمَا أَحَبَّ أَنْ يُسْتَفَادَ مِنْ إِنْزَالِهَا فَقَالَ فِي وَصْفِهَا: (تَكُونُ لَنَا عِيدًا) أَيْ عِيدًا خَاصًّا بِنَا مَعْشَرِ الْمُؤْمِنِينَ دُونَ غَيْرِنَا، أَوْ تَكُونَ لَنَا كَرَامَةً وَمَتَاعًا لَنَا فِي عِيدِنَا ثُمَّ قَالَ: (لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا) وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: (لَنَا) الَّذِي ذُكِرَ أَوَّلًا لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَالِاخْتِصَاصِ، أَيْ عِيدًا لِأَوَّلِ مَنْ آمَنَ مِنَّا وَآخِرِ مَنْ آمَنَ، وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِأَوَّلِهِمْ مَنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ ذَلِكَ الدُّعَاءِ. وَبِآخِرِهِمْ مَنْ يُؤْمِنُ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ مِمَّنْ يَشْهَدُ لَهُمْ مَنْ شَهِدَهَا وَغَيْرُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ - عَلَى بُعْدٍ - أَنْ يُرَادَ أَوَّلُ جَمَاعَتِهِ الْحَاضِرِينَ مَعَهُ إِيمَانًا وَآخِرُهُمْ، وَرُوِيَ أَنَّ الْمَعْنَى يَأْكُلُ مِنْهَا آخِرُ الْقَوْمِ كَمَا يَأْكُلُ أَوَّلُهُمْ، أَوْ كَافِيَةً لِلْفَرِيقَيْنِ.
وَكَلِمَةُ الْعِيدِ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ، وَبِمَعْنَى الْمَوْسِمِ الدِّينِيِّ أَوِ الْمَدَنِيِّ الَّذِي يَجْتَمِعُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست