responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 106
قَالَ حَاكِيًا عَنْهُمْ: (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا 17: 90) إِلَى قَوْلِهِ: (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا 17: 93) وَالْمَعْنَى أَنِّي رَسُولٌ أُمِرْتُ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ إِلَيْكُمْ، وَاللهُ تَعَالَى قَدْ أَقَامَ الدَّلَالَةَ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ فِي الرِّسَالَةِ بِإِظْهَارِ أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ طَلَبُ الزِّيَادَةِ مِنْ بَابِ التَّحَكُّمِ وَذَلِكَ لَيْسَ فِي وُسْعِي، وَلَعَلَّ إِظْهَارَهَا يُوجِبُ مَا يَسُوؤُكُمْ، مِثْلُ أَنَّهَا لَوْ ظَهَرَتْ فَكُلُّ مَنْ خَالَفَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَوْجَبَ الْعِقَابَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا سَمِعُوا الْكَفَّارَ يُطَالِبُونَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى ظُهُورِهَا فَعَرَفُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُمْ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا ذَلِكَ فَرُبَّمَا كَانَ ظُهُورُهَا يُوجِبُ مَا يَسُوؤُهُمْ.
(الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنَّ هَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: (وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) فَاتْرُكُوا الْأُمُورَ عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَلَا تَسْأَلُوا عَنْ أَحْوَالٍ مَخْفِيَّةٍ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ. انْتَهَى كَلَامُ الرَّازِيِّ بِنَصِّهِ وَضَعْفِ عِبَارَتِهِ.
وَأَقُولُ: إِنَّ مُنَاسَبَةَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ لِآيَةِ تَبْلِيغِ الرَّسُولِ لِلرِّسَالَةِ مُنَاسِبَةٌ خَاصَّةٌ قَرِيبَةٌ وَلَهُمَا مَوْقِعٌ مِنْ مَجْمُوعِ السُّورَةِ يَنْبَغِي تَذَكُّرُهُ وَالتَّأَمُّلُ فِيهِ: ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ آخَرُ مَا نَزَلْ مِنَ السُّوَرِ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، وَسُورَةُ النَّصْرِ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عُمَرَ، وَقَدْ صَرَّحَ اللهُ تَعَالَى فِي أَوَائِلِهَا بِإِكْمَالِ الدِّينِ، وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ بِهِ عَلَى
الْعَالَمِينَ، فَنَاسَبَ أَنْ يُصَرِّحَ فِيهَا بِأَنَّ الرَّسُولَ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ وَظِيفَةِ الْبَلَاغِ الَّذِي كَمُلَ بِهِ الْإِسْلَامُ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُكْثِرُوا عَلَيْهِ مِنَ السُّؤَالِ، لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثْرَةِ التَّكَالِيفِ الَّتِي يَشُقُّ عَلَى الْأُمَّةِ احْتِمَالُهَا، فَتَكُونُ الْعَاقِبَةُ أَنْ يُسْرِعَ إِلَيْهَا الْفُسُوقُ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا، وَهُوَ مَعْصُومٌ مِنْ كِتْمَانِ شَيْءٍ مِمَّا أَمَرَهُ اللهُ بِتَبْلِيغِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلِمَ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ هَذَا النَّهْيِ وَبَيْنَ الْخَبَرِ بِإِكْمَالِ الدِّينِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ فِي النَّظْمِ الْكَرِيمِ؟ قُلْتُ: تِلْكَ سُنَّةُ الْقُرْآنِ فِي تَفْرِيقِ مَسَائِلِ الْمَوْضُوعِ الْوَاحِدِ مِنْ أَخْبَارٍ وَأَحْكَامٍ وَغَيْرِهِمَا لِمَا بَيَّنَّاهُ مِرَارًا مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ، وَهَاكَ أَقْوَى مَا وَرَدَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ الْآيَتَيْنِ:
رَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ وَقَالَ فِيهَا: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ فُلَانٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست