responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 100
ورُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِيهِ ثَلَاثُ أَقْوَالٍ: (1) صَلَاحٌ لِدِينِهِمْ (2) شِدَّةٌ لِدِينِهِمْ (3) عِصْمَةٌ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ، فَهَذِهِ أَقْوَالُ مَنْ جَعَلَ الْقِيَامَ دِينًا فَقَطْ، وَإِنَّمَا هُوَ دِينِيٌّ دُنْيَوِيٌّ، لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرَمِ وَحُجَّاجَهُ مَا كَانُوا لِيَجِدُوا فِيهِ مَا يَعِيشُونَهُ بِهِ مِنَ الْغِذَاءِ، وَمَا يَأْمَنُونَ بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الْهَلَاكَ، لَوْلَا أَنْ جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ قِيَامًا لِأَمْرِ الْمَعِيشَةِ، كَمَا جَعَلَهَا قِيَامًا لِأَمْرِ الدِّينِ، وَلَكِنْ خَصَّ بَعْضُهُمُ الْقِيَامَ الدُّنْيَوِيَّ بِزَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ.
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِيهِمْ مُلُوكٌ يَدْفَعُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ مُلُوكٌ يَدْفَعُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، فَجَعَلَ اللهُ لَهُمُ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا يَدْفَعُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِهِ وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ كَذَلِكَ يَدْفَعُ اللهُ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَالْقَلَائِدِ، وَيَلْقَى الرَّجُلُ قَاتِلَ أَبِيهِ وَابْنَ عَمِّهِ فَلَا يَعْرِضُ لَهُ وَهَذَا كُلُّهُ قَدْ نُسِخَ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: جَعَلَ اللهُ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ يَأْمَنُونَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، لَا يَخَافُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حِينَ يَلْقَوْنَهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ أَوْ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ.
وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ) قَالَ: حَوَاجِزُ أَبْقَاهَا اللهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، فَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ جَرَّ كُلَّ جَرِيرَةٍ ثُمَّ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ لَمْ يُتَنَاوَلْ وَلَمْ يُقْرَبْ، كَانَ الرَّجُلُ لَوْ لَقِيَ قَاتِلَ أَبِيهِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ
لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَلَمْ يَقْرَبْهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ لَقِيَ الْهَدْيَ مُقَلَّدًا وَهُوَ يَأْكُلُ الْعَصَبَ مِنَ الْجُوعِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَلَمْ يَقْرَبْهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ الْبَيْتَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنْ شَعْرٍ فَأَحْمَتْهُ وَمَنَعَتْهُ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ إِذَا نَفَرَ (أَيْ عَادَ مِنَ الْحَجِّ) تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنَ الْخَزِّ أَوْ مِنَ السَّمَرِ حَتَّى يَأْتِيَ أَهْلَهُ حَوَاجِزُ أَبْقَاهَا اللهُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اه.
وَالْمُخْتَارُ أَنَّ جَعْلَ اللهِ تَعَالَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ قِيَامًا لِلنَّاسِ هُوَ جَعْلٌ تَكْوِينِيٌّ تَشْرِيعِيٌّ مَعًا، وَهُوَ عَامٌّ شَامِلٌ لِمَا تَقُومُ بِهِ وَتَتَحَقَّقُ مَصَالِحُ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَشَامِلٌ لِزَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ وَعَهْدِ الْإِسْلَامِ، لَكِنْ لَهُ فِي كُلٍّ مِنَ الْعَهْدَيْنِ صُورَةٌ خَاصَّةٌ بِهِ فَفِي عَهْدِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ التَّكْوِينِيُّ أَظْهَرَ وَالتَّشْرِيعِيُّ أَخْفَى، لِأَنَّهُمْ عَلَى إِضَاعَتِهِمْ لِشَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ صَلَّى الله عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ إِلَّا قَلِيلًا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ مَزَجُوهَا بِالْوَثَنِيَّةِ وَالْخُرَافَاتِ الْوَضْعِيَّةِ، وَكَانَتْ آيَاتُ اللهِ تَعَالَى

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست