responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 88
إِنَّ الْمُرَادَ بِالْكَلَالَةِ هُنَا مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ وَلَا زَوْجٌ ; لِأَنَّ الزَّوْجَ يَرِثُ بِلَا وَاسِطَةٍ كَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَقَدْ ذُكِرَ فَرْضُهُ ذَكَرًا وَأُنْثَى قَبْلَ ذِكْرِ الْكَلَالَةِ، فَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأُمِّ أَصْحَابُ فَرْضٍ فِي الْكَلَالَةِ، وَأَنَّ فَرْضَهُمْ هُوَ فَرْضُ الْأُمِّ الَّتِي حَلُّوا مَحَلَّهَا فِي الْإِرْثِ، وَهُوَ مِنَ الْقَرَائِنِ عَلَى كَوْنِ الْمُرَادِ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأُمِّ، وَبَقِيَ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ مَعًا أَوْ مِنَ الْأَبِ فَقَطْ مَسْكُوتًا عَنْهُمْ، وَقَدْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهُ فَرْضٌ مِنَ الْأَقَارِبِ يَحُوزُ مَا بَقِيَ مِنَ التَّرِكَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ إِنْ كَانَ عَصَبَةً، عَلَى قَاعِدَةِ: (أَخْذِ الذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وَقَاعِدَةِ كَوْنِ الْأَقْرَبِ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ. فَلَمَّا مَرِضَ جَابِرٌ وَلَهُ أَخَوَاتٌ مِنْ عَصَبَتِهِ، أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ لَهُنَّ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُنَّ فَرْضٌ وَهُوَ كَلَالَةٌ، وَالْعَرَبُ لَمْ تَكُنْ تُوَرِّثُ الْإِنَاثَ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الْفَتْوَى فِي الْكَلَالَةِ، فَجَعَلَ لَهُنَّ فِيهَا فَرْضًا، وَلَكِنْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ ; إِذْ نَفَتِ الْوَلَدَ، وَلَمْ تَنْفِ الْوَالِدَ، وَرُوِيَ أَنَّهُ رَجَعَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ إِلَى رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَالْجُمْهُورِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ كَتَبَ رَأْيَهُ فِي لَوْحٍ وَمَكَثَ يَسْتَخِيرُ اللهَ مُدَّةً فِيهِ، يَقُولُ: اللهُمَّ إِنْ عَلِمْتَ فِيهِ خَيْرًا فَأَمْضِهِ. حَتَّى إِذَا طُعِنَ دَعَا بِالْكِتَابِ فَمُحِيَ، وَلَمْ يَدْرِ أَحَدٌ مَا كَتَبَ فِيهِ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ كَتَبْتُ فِي الْجَدِّ وَالْكَلَالَةِ كِتَابًا، وَكُنْتُ أَسْتَخِيرُ اللهَ فِيهِمَا، فَرَأَيْتُ أَنْ أَتْرُكَكُمْ عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَتَى عُمَرَ حِينَ طُعِنَ فَقَالَ: " احْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَلَّا يُدْرِكَنِي النَّاسُ، أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَقْضِ فِي الْكَلَالَةِ، وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ عَلَى النَّاسِ خَلِيفَةً، وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي عَتِيقٌ " وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَنْكَرَ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ: إِنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ لَا وَلَدٌ لَهُ وَلَا وَالِدٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ.
وَهَهُنَا عِبْرَةٌ يَجِبُ تَدَبُّرُهَا، وَهِيَ أَنَّنِي لَمْ أَرَ فِي سِيرَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَغْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَا أَدَلَّ مِنْهَا عَلَى قُوَّةِ دِينِهِ، وَإِيمَانِهِ بِالْقُرْآنِ، وَحِرْصِهِ عَلَى بَيَانِ كُلِّ حُكْمٍ مِنَ الشَّرْعِ بِدَلِيلِهِ، وَوُقُوفِهِ إِذَا لَمْ تَتَبَيَّنْ لَهُ الْحُجَّةُ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْقُرْآنِ فَلَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَقَدْ سُئِلَ مَرَّةً عَنِ الْكَلَالَةِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: الْكَلَالَةُ، الْكَلَالَةُ، الْكَلَالَةُ، وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَأَنْ أَعْلَمَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ شَيْءٍ، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " أَلَمْ تَسْمَعِ الْآيَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْفِ؟ " فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، فَالظَّاهِرُ - إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَاتُ - أَنَّ عُمَرَ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يُبَيِّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْكَامَ الْكَلَالَةِ بِالتَّفْصِيلِ، فَيَسْأَلُهُ عَنِ الْكَلَالَةِ سُؤَالًا مُطْلَقًا مُبْهَمًا، لَا يُبَيِّنُ مُرَادَهُ مِنْهُ، فَيَذْكُرُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَنْزَلَ اللهُ، وَلَا يَزِيدُهُ مِنِ اجْتِهَادِهِ شَيْئًا، فَكَبُرَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي نَفْسِهِ، وَصَارَتْ إِذَا ذُكِرَتْ تَهُولُهُ، وَتُحْدِثُ فِي نَفْسِهِ اضْطِرَابًا، فَلَا يَتَجَرَّأُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست