responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 7
مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ، وَإِلَّا كَانَ وَضْعُهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ غَيْرَ مُتَّفِقٍ مَعَ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ. وَإِذَا قَالَ مَلِكٌ أَوْ أَمِيرٌ لِبَعْضِ عَبِيدِهِ أَوْ رِجَالِ دَوْلَتِهِ: إِنْ تَعْمَلْ كَذَا مِنَ الْأَعْمَالِ الْمَرَضِيَّةِ فَإِنَّ عِنْدِي مَالًا كَثِيرًا، أَوْ بِيَدِي أَعْلَى الْأَوْسِمَةِ وَالرُّتَبِ، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَفْهَمُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْزِيَهُ عَلَى ذَلِكَ بِدُرَيْهِمَاتٍ يَرْضَخُ بِهَا لَهُ، أَوْ رُتْبَةٍ وَاطِئَةٍ يُوَجِّهُهَا إِلَيْهِ، أَوْ وِسَامٍ مِنَ الدَّرَجَةِ الدُّنْيَا يُحَلِّيهِ بِهِ، بَلْ يَفْهَمُ مِنْ هَذَا كُلُّ مَنْ يَعْرِفُ اللُّغَةَ
أَنَّ هَذَا الْجَزَاءَ يَكُونُ عَظِيمًا. وَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إِلَى أَنَّ كَلِمَةَ " قَدِيرًا " قَدْ أَفَادَتْ بِوَضْعِهَا هُنَا الدَّلَالَةَ عَلَى عِظَمِ الْجَزَاءِ عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي رَغَّبَتْ فِيهِ الْآيَةُ، وَعَلَى اسْتِحْبَابِ الْعَفْوِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَلَمْ نَقْصُرْهَا عَلَى الْأَمْرِ الثَّانِي وَحْدَهُ كَمَا فَعَلَ بَعْضُهُمْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَعْدِ بِالْجَزَاءِ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ آيَةٍ أَوْ سِيَاقٍ عَلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْأَعْمَالِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ذِكْرُ إِبْدَاءِ الْخَيْرِ وَإِخْفَائِهِ وَالْعَفْوِ عَنِ الْمُسِيءِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْوَعْدُ خَاصًّا بِالْأَخِيرِ مِنْهَا.
الْأَصْلُ فِي الشَّرِّ أَلَّا يُفْعَلَ - قَوْلًا كَانَ أَمْ عَمَلًا - إِلَّا لِضَرُورَةٍ كَالْجَهْرِ بِالسُّوءِ مِمَّنْ ظُلِمَ لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى إِزَالَةِ الظُّلْمِ، وَالْأَصْلُ فِي الْخَيْرِ أَنْ يُفْعَلَ، قَوْلًا كَانَ أَمْ عَمَلًا. وَأَمَّا الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ إِبْدَاءِ الْخَيْرِ وَإِخْفَائِهِ فَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعَامِلِينَ وَالْبَاعِثِ عَلَى الْعَمَلِ وَأَثَرِ الْإِبْدَاءِ وَالْإِخْفَاءِ لَهُ، فَمَنْ كَانَ كَامِلَ الْإِيمَانِ عَالِيَ الْأَخْلَاقِ لَا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الرِّيَاءَ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ فِي إِبْدَاءِ الْخَيْرِ وَإِخْفَائِهِ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ، فَهُوَ يُرَجِّحُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِنْيَةٍ صَالِحَةٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ بَيِّنَةٍ، وَمَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُرَجِّحَ الْإِخْفَاءَ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ هَوًى فِيهِ. وَمِنْ بَوَاعِثِ الْإِبْدَاءِ قَصْدُ الْقُدْوَةِ، وَمِنْ بَوَاعِثِ الْإِخْفَاءِ قَصْدُ السَّتْرِ وَحِفْظِ كَرَامَةِ مَنْ يُوَجِّهُ إِلَيْهِ الْخَيْرَ كَالصَّدَقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ الْمُتَعَفِّفِينَ.
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست