responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 50
فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُتَعَلِّقَ الْمَحْذُوفَ يَشْمَلُ كُلَّ مَا أَصَابَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ وَفَقْدِ الِاسْتِقْلَالِ، وَخَتَمَ الْآيَاتِ بِذِكْرِ عَذَابِهِمْ فِي الْآخِرَةِ.
أَمَّا الطَّيِّبَاتُ الَّتِي حَرَّمَهَا اللهُ عَلَيْهِمْ فَهِيَ مُبَيَّنَةٌ بِقَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: وَعَلَى الَّذِينَ هَادَوْا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ (6: 146) الْآيَةَ، هَكَذَا ذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ، وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَجْزِمْ بِتَعْيِينِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُعَرِّفْ مَا نَكَّرَهُ الْكِتَابُ. وَفِي الْفَصْلِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ سِفْرِ اللَّاوِيِّينَ (الْأَحْبَارِ) تَفْصِيلُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَكَانَتْ قَدْ أُحِلَّتْ لَهُمْ بِقَاعِدَةِ كَوْنِ الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْحِلَّ، وَبِإِحْلَالِهَا لِسَلَفِهِمْ، كَمَا وَرَدَ فِي قَوْلِهِ، تَعَالَى: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ (3: 93) فَلْيُرَاجَعْ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي أَوَّلِ جُزْءِ التَّفْسِيرِ الرَّابِعِ.
وَتَقْدِيمُ فَبِظُلْمٍ عَلَى حَرَّمْنَا يُفِيدُ الْحَصْرَ، أَيْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِسَبَبِ الظُّلْمِ لَا بِسَبَبٍ آخَرَ، وَقَدْ أَبْهَمَ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ هُنَا ; لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ السِّيَاقِ الْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ عُقُوبَةً لَا بَيَانُهُ فِي نَفْسِهِ، كَمَا أَبْهَمَ الظُّلْمَ الَّذِي كَانَ سَبَبًا لَهُ ; لِيَعْلَمَ الْقَارِئُ وَالسَّامِعُ أَنَّ أَيَّ نَوْعٍ مِنَ الظُّلْمِ يَكُونُ سَبَبًا لِلْعِقَابِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا عَطَفَ عَلَيْهِ بَيَانًا لَهُ. وَالْعِقَابُ قِسْمَانِ: دُنْيَوِيٌّ وَأُخْرَوِيٌّ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَقْسَامٌ سَيَأْتِي بَسْطُهَا، وَمِنَ الدُّنْيَوِيِّ: التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ الشَّاقَّةُ فِي زَمَنِ التَّشْرِيعِ، وَالْجَزَاءُ الْوَارِدُ فِيهَا عَلَى الْجَرَائِمِ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ، وَمَا اقْتَضَتْهُ سُنَنُ اللهِ - تَعَالَى - فِي نِظَامِ الِاجْتِمَاعِ،
مِنْ كَوْنِ الظُّلْمِ سَبَبًا لِضَعْفِ الْأُمَمِ، وَفَسَادِ عُمْرَانِهَا، وَاسْتِيلَاءِ أُمَّةٍ أُخْرَى عَلَى مُلْكِهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ، تَعَالَى: وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَبِظُلْمٍ وَقَدْ أَشَرْنَا آنِفًا إِلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ هُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُبَيِّنٌ لَهُ - أَيْ لِلظُّلْمِ - وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا يُنَافِي الْحَصْرَ ; لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْمَعْمُولِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى عَامِلِهِ، يُنَافِي الْحَصْرَ إِذَا كَانَ الْمَعْطُوفُ مُغَايِرًا لَهُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ مُبَيِّنًا لَهُ فَهُوَ عَيْنُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفَ مُغَايَرَةٍ وَأَنْ يَكُونَ تَقْدِيمُ ذِكْرِ الظُّلْمِ لِلِاهْتِمَامِ بِبَيَانِ قُبْحِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَاقْتِضَائِهِ الْعِقَابَ لَا لِلْحَصْرِ، وَقِيلَ إِنَّ (بِصَدِّهِمْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: وَبِسَبَبِ صَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِلَخْ شَدَّدْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَحْكَامٍ وَتَكَالِيفَ أُخْرَى كَالْبَقَرَةِ الَّتِي أُمِرُوا بِذَبْحِهَا فِي حَادِثَةِ الْقَتِيلِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنَ الْبَيَانِ وَالتَّفْصِيلِ بَعْدَ الْإِبْهَامِ وَالْإِجْمَالِ، وَهُوَ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ، وَأَبْلَغُ فِي الْعِبْرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ.
وَالصُّدُودُ وَالصَّدُّ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمَعْنَاهُ الْمَنْعُ أَيْ صُدُودُهُمْ أَنْفُسَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مِرَارًا كَثِيرَةً، بِمَا كَانُوا يَعْصُونَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيُعَانِدُونَهُ، أَوْ صَدُّهُمُ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست