responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 407
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَلَّا وَاللهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، ثُمَّ لَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ بِبَعْضٍ، ثُمَّ يَلْعَنُكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ "، وَوَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى عِدَّةُ أَحَادِيثَ، فَهَلْ مِنْ مُعْتَبِرٍ أَوْ مُدَّكِرٍ؟ ! بَلْ رَأَيْنَا مِنْ آثَارِ غَضَبِ اللهِ تَعَالَى مِثْلَمَا رَأَى بَنُو إِسْرَائِيلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، وَقَدْ عَرَّفَنَا سَبَبَهُ وَلَمْ نَتْرُكْهُ، وَنَرَاهُ يَزْدَادُ بِالْإِصْرَارِ عَلَى السَّبَبِ، وَلَا نَتُوبُ، وَلَا نَتَذَكَّرُ! ! فَإِلَى مَتَى؟ إِلَى مَتَى؟ !
ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ حَالًا مِنْ أَحْوَالِهِمُ الْحَاضِرَةِ، الَّتِي هِيَ مِنْ آثَارِ تِلْكَ السِّيرَةِ الرَّاسِخَةِ، فَقَالَ: (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أَيْ تَرَى أَيُّهَا الرَّسُولُ، كَثِيرًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ، وَيُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى قِتَالِكَ، وَأَنْتَ تُؤْمِنُ بِاللهِ، وَبِمَا أُنْزِلَ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وَتَشْهَدُ لَهُمْ بِالرِّسَالَةِ، وَأُولَئِكَ الْمُشْرِكُونَ لَا يُوَحِّدُونَ اللهَ تَعَالَى وَلَا يُؤْمِنُونَ بِكُتُبِهِ، وَلَا بِرُسُلِهِ مِثْلُكَ، فَكَيْفَ يَتَوَلَّوْنَهُمْ، وَيُحَالِفُونَهُمْ عَلَيْكَ، لَوْلَا اتِّبَاعُ أَهْوَائِهِمْ، وَسَخَطُ اللهِ عَلَيْهِمْ؟ (لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ) هَذَا ذَمٌّ مُؤَكَّدٌ بِالْقَسَمِ لِعَمَلِ الْيَهُودِ الَّذِي قَدَّمَتْهُ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ ; لِيَلْقَوُا اللهَ تَعَالَى بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَا هُوَ إِلَّا الْعَمَلُ الْقَبِيحُ الَّذِي أَوْجَبَ سَخَطِ اللهِ عَلَيْهِمْ. فَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ هُوَ ذَلِكَ السَّخَطُ الَّذِي اسْتَحَقُّوهُ، وَلَيْسَ أَمَامَهُمْ مَا يُجْزَوْنَ بِهِ سِوَاهُ، وَلَبِئْسَ شَيْئًا يُقَدِّمُهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ، فَسَيُجْزَوْنَ بِهِ شَرَّ الْجَزَاءِ (وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) فَهُوَ مُحِيطٌ بِهِمْ، لَا يَجِدُونَ عَنْهُ مَصْرِفًا ; لِأَنَّ النَّجَاةَ مِنَ الْعَذَابِ إِنَّمَا تَكُونُ بِرِضَاءِ اللهِ تَعَالَى وَهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا إِلَّا مَا أَوْجَبَ سَخَطَهُ.
(وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أُولَئِكَ الْيَهُودُ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الْكَافِرِينَ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ النَّبِيِّ الَّذِي يَدَّعُونَ اتِّبَاعَهُ، وَهُوَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنَ الْهُدَى وَالْفَرْقَانِ، لَمَا اتَّخَذُوا أُولَئِكَ الْكَافِرِينَ مِنْ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ أَوْلِيَاءَ لَهُمْ وَأَنْصَارًا ; لِأَنَّ الْعَقِيدَةَ الدِّينِيَّةَ كَانَتْ تُبْعِدُهُمْ عَنْهُمْ، وَالْجِنْسِيَّةُ عِلَّةُ الضَّمِّ. وَفِي الْعِبَارَةِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ:
لَوْ كَانَ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ، وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، مَا اتَّخَذَهُمُ الْيَهُودُ أَوْلِيَاءَ ; أَيْ إِنَّهُمْ لَمْ يَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ إِلَّا لِكُفْرِهِمْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، وَالْمُرَادُ مِنَ التَّوْجِيهَيْنِ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْوِلَايَةَ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُنْ لَهَا عِلَّةٌ إِلَّا اتِّفَاقَ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْكُفْرِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى حَرْبِ الرَّسُولِ وَإِبْطَالِ دَعْوَتِهِ، وَالتَّنْكِيلِ بِمَنْ آمَنَ بِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ.
وَذَهَبَ مُجَاهِدٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِينِ تَوَلَّاهُمُ الْيَهُودُ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنَافِقُونَ، وَهُوَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست